للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأحوالهم عصرًا بعد عصر، وطبقة بعد طبقة (١). وإنما يعنينا - في هذا الفصل - أن نعرف ما لا يسعنا جهله عن هذه الطبقات، وعن مصادرها الأساسية، وتسلسل المشتغلين بهذا اللون من الدراسة التاريخية النقدية.

وما تكاد لفظة «الطبقات» تلقى حتى يطوف في الأذهان ذكر كتاب " الطبقات الكبرى " لابن سعد، لأنه من أول الكتب في علم الطبقات (٢)، ولا ريب أن خير ما نصنعه تحليل هذا الكتاب لنقف على حقيقة هذه الدراسات، وعلى مناهج المصنفين فيها. ونبدأ أولاً بكلمة عن صاحب هذه " الطبقات ".

ابْنُ سَعْدٍ، حَيَاتُهُ وَأَخْبَارُهُ:

هو محمد بن سعد بن منيع الزهري، لأنه كان من موالي بني زهرة، الهاشمي أيضًا لأن أحد أجداده كان مولى للحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس من الهاشميين. ولد بالبصرة سنة ١٦٨هـ. ولذلك نسب إليها فقيل (ابن سعد البصري)، ثم رحل إلى المدينة والكوفة وبغداد، ولا بد أن تكون رحلته إلى المدينة قبل سَنَة ٢٠٠ هـ.، لأنه لقي فيها بعض الشيوخ وأخذ عنهم سَنَةَ ١٨٩ هـ، وقد لقي في المدينة رجال الرواية المشاهير، لأن المدينة دَارُ السُنَّةِ، والإقليم الأول الذي انطلقت منه رواية الأحاديث. أما بغداد فإنه لما ارتحل إليها أقام فيها حتى توفي سَنَةَ ٢٣٠ هـ، فيكون قد عاش اثنتين وستين عَامًا. وفي بغداد


(١) " الرسالة المستطرفة ": ص ١٠٤.
(٢) " مختصر علوم الحديث ": ص ٣٠٢.