للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب - ٤ و ٥ و ٦ - المُعَنْعَنُ وَالمُؤَنَّنُ وَالمُعَلَّقُ:

الحديث المعنعن هو - كما يظهر من لفظه - ما يقال في سنده:

«فلان عن فلان» من غير تصريح بالتحديث والسماع (١): وهو - على المعتمد - من قبيل الإسناد المتصل إذا توافرت فيه ثلاثة شروط: عدالة الرواة، وثبوت لقاء الراوي لمن روى عنه، والبراءة من التدليس (٢).

والمعنعن كثر في " الصحيحين "، وهو في " صحيح مسلم " أكثر، لأن مسلمًا لم يشترط ثبوت اللقاء بين الراوي ومن عنعن عنه، بل أنكر في خطبة " صحيحه " هذا الشرط مع أنه مذهب علي بن المديني والبخاري وغيرهما من أئمة المحدثين. وقد بنى مسلم رأيه على ما عليه أهل العلم قديمًا وحديثًا من أن الرواية بالعنعنة ثابتة والحجة بها لازمة، وهي محمولة أبدًا على سماع الراوي للمروي عنه إذا كانا ثقتين متعاصرين (٣).

ولم يتابع مسلمًا على رأيه أحد، بل انتقدوه فيه وأخذوه عليه، فقال ابن الصلاح: «وَفِيمَا قَالَهُ مُسْلِمٌ نَظَرٌ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ القَوْلَ الذِي رَدَّهُ مُسْلِمٌ هُوَ الذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ هَذَا العِلْمِ: عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ، وَالبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُمَا» (٤). وكانت عبارة النووي في الموضوع نفسه أصرح وأوضح حيث قال: «وَهَذَا الذِي صَارَ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ قَدْ أَنْكَرَهُ المُحَقِّقُونَ، وَقَالُوا: هَذَا الذِي صَارَ إِلَيْهِ ضَعِيفٌ


(١) " التوضيح ": ١/ ٣٣٠.
(٢) انظر " شرح العراقي على علوم الحديث ": ص ٦٧.
(٣) قارن بـ " مقدمة صحيح مسلم ": ١/ ٢٣.
(٤) " علوم الحديث " لابن الصلاح: ص ٧٢ ...