للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالذِي رَدَّهُ هُوَ المُخْتَارُ الصَّحِيحُ الذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ هَذَا الفَنِّ ... » (١).

وذهب بعض النقاد إلى أن الحديث المعنعن من قبيل المرسل، فلا يحتج به، وآثرت طائفة منهم الاحتجاج به رغم هذا، فقد رأوا ذلك أكثر ما يكون في مرسل الصحابي، إذا كان لا يعرف اصطلاحًا في الرواية، فتارة يقول: «سَمِعْتُ» وتارة «عَنْ رَسُولِ اللهِ» وتارة «قَالَ رَسُولُ اللهِ». لذلك استحسنوا التفصيل، فرواية الصحابي الذي لازم الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محمولة على السماع بأي عبارة أديت، وإن كان من غير الملازمين احتمل الأمرين، فقد كان عمر - وهو من خواص الصحابة - يتناوب النزول لسماع رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو وجارٌ له، فينزل عمر يومًا ويأتي جاره بما استفاده ذلك اليوم، وينزل جاره يومًا فيأتي عمر بما استفاده في ذلك اليوم، كما صرح به البخاري في " صحيحه " (٢). ولكن الإمام النووي يرى أن عَدَّ المعنعن من قبيل المرسل مردود بإجماع السلف (٣).

وقد اعتذروا عن كثرة المعنعن في " الصحيحين "، ولا سيما في " صحيح مسلم "، بما ورد في المستخرجات عليهما من الطرق الكثيرة التي صرح فيها بالتحديث والسماع (٤)، ويشفع لمسلم فوق هذا كثرة طرق الحديث الواحد في " صحيحه " نفسه، وليست كلها بالمعنعنة (٥).

والقول الفصل للحافظ ابن حجر في شرح المواقع الثلاثة: أحدها أنها بمنزلة «حَدَّثَنَا» و «أَخْبَرَنَا». الثاني أنها ليست بتلك المنزلة إذا صدرت


(١) " شرح صحيح مسلم " للنووي: ١/ ١٢٨.
(٢) " التوضيح ": ١/ ٣٣٥.
(٣) " التوضيح ": ١/ ٣٣٥.
(٤) " قواعد التحديث ": ص ١٠٤.
(٥) " شرح صحيح مسلم " للنووي: ١/ ١٤ .......