للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الصحف عند عودته إلى بيته (١). ولا ريب أنَّ صحف ابن عباس ظلت معروفة متداولة مدة طويلة من الزمن، فقد ورثها ابنه عليٌّ (٢)، وتعاقب الناس على الرواية منها والأخذ عنها حتى امتلأت كتب التفاسير والحديث بمسموعات ابن عباس ومروياته. ولكننا - مع ذلك - لا نستطيع تحديد الزمن الذي تلفت فيه تلك الصحف ولا الصورة التي تلفت عليها (٣).

صَحِيفَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ لِهَمَّامٍ بْنِ مُنَبِّهٍ:

وكذلك تلفت الصحف الكثيرة التي جمعها الصحابي الجليل أبو هريرة (- ٥٨ هـ) (٤) إلاَّ صحيفة واحدة رواها عنه تلميذه التابعي همام بن منبه (٥) المتوفَّى سَنَةَ ١٠١ هـ (٦) ثم نسبت إليه فقيل: صحيفة همام وهي في الحقيقة


(١) كما في " سنن الدارمي ": ١/ ١٢٨ و" ابن سعد ": ٦/ ١٧٩.
(٢) " طبقات ابن سعد ": ٥/ ٢١٦ «وكان عليّ بن عبد الله بن عباس إذا أراد الكتاب كتب إلى كُريب: ابعث إليَّ بصحيفة كذا وكذا، فينسخها ويبعث بها» " تقييد العلم ": ص ١٣٦.
(٣) ومن المؤسف أنَّ ورع بعض الصحابة كان يحملهم على إتلاف ما كتبوه من الأحاديث لأنفسهم مخافة أنْ تكون الذاكرة قد خانتهم فلم يوردوه بلفظ بينهم: ففي " طبقات الحفاظ ": ١/ ٥ أنَّ أبا بكر الصدِّيق جمع أحاديث النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في كتاب فبلغ عددها خمسمائة حديث، ثم أتلفه مخافة أنْ يكون كتب شيئاً لم يحفظه جيِّداً.
(٤) انظر ترجمته في " تهذيب التهذيب ": ١٢/ ٢٦٥ رقم ١٢١٦وكانت صحفه كثيرة جداً. وقد رآها ابن وهب (" فتح الباري ": ١/ ١٨٤) وعمرو بن أمية الضمري (" جامع بيان العلم ": ١/ ٧٤).
(٥) ومن أوهام «بروكلمان» أنه نسب هذه الصحيفة إلى همام بن منده المتوفى سنة ١٥١ هـ ولم يُصَحِّحْ ذلك في الطبعة الثانية ولا الذيل، انظر:
Brockelmann, Geschischte des Arab. Litter, ١, ٣٥٤.
(٦) آثرنا بما في " طبقات ابن سعد ": ٥/ ٣٩٦ لتحديد وفاة همام، لأنَّ هذه =