للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مطلعها: «هذا كتاب محمد النَّبِي رسول الله بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم: إنهم أمَّةٌ واحدة من دون الناس» (١). وقد تكرَّرت فيها عبارة (أهل هذه الصحيفة) خمس مرات، فلم يكن بُدّ من الاعتراف بكتابتها. ولقد بلغ من شهرة أمرها أنها أصبحت تقرن وحدها بكتاب الله لتواترها وكثرة ما فيها من أحكام الإسلام وكلياته الكبرى. ولعلَّ عليّ بن أبي طالب لم يكن يقصد سواها حين سُئِلَ: هل عندكم كتاب؟ فأجاب: لا، إلاَّ كتاب الله أو فهم أعطية رجل مسلم وما في هذه الصحيفة. فلما قيل له: وما في هذه الصحيفة؟ قال: «الْعَقْلُ (٢)، وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَلاَ يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» (٣) وكانت هذه الأمور جزءاً مُهِمّاً مِمَّا اشتملت عليه الصحيفة المذكورة (٤).

وعبد الله بن عباس (- ٦٩هـ) عني بكتابة الكثير من سُنَّةِ الرسول وسيرته في ألواح كان يحملها معه في مجالس العلم (٥). ولقد تواتر أنه ترك حين وفاته حِمْل بعير من كتبه (٦). وكان تلميذه سعيد بن جُبير (- ٩٥ هـ) يكتب عنه ما يُملي عليه، فإذا نفد القرطاس كتب على لباسه ونعله وربما على كَفِّهِ ثم نسخه


(١) الرواية هنا عن أبي عُبيد وابن هشام. راجع " الوثائق السياسية في العهد النبوي " للدكتور محمد حميد الله رقم ١.
(٢) يُراد بالعقل هنا المعاقل والديات.
(٣) " فتح الباري": ١/ ١٨٢ «باب كتابة العلم» وراجع أَيْضًا «باب فكاك الأسير».
(٤) لأنَّ أكثر ما ورد في هذه الصحيفة يتعلق بالمعاقل والديات. ويحسن مراجعتها في " الوثائق السياسية " لحميد الله رقم ١.
(٥) " طبقات ابن سعد ": ٢/ ٢ ص ١٢٣ وقارن بما ذكره محمد زبير الصديقي في " السير الحثيث: ص ٩ نقلاً عن كتاب " العلل " للترمذي.
(٦) انظر " طبقات ابن سعد ": ٥/ ٢١٦ و" تقييد العلم ": ص ١٣٦ و" شذرات الذهب ": ١/ ١١٤.