للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٨ - المُصَحَّفُ:

ُعني جهابذة الحفاظ عناية بالغة بمعرفة المُصَحَّفِ من الحديث مَتْنًا وَإِسْنَادًا، وَعَدُّوا «مَعْرِفَةَ هَذَا النَّوْعِ مُهِمَّةً» (١) وأكبروا كل من يحذقه، لأن فيه حُكْمًا على كثير من العلماء بالخطأ.

وكان المتقدمون من نقاد الحديث لا يفرقون بين المُصَحَّفِ وَالمُحَرَّفِ، فكلاها يقع فيه الخطأ لأنه مأخوذ عن الصحف، لم ينقل بالمشافهة والسماع. وتبعًا لهذا الترادف بين اللفظين، سَمَّى الإمام العسكري (٢) كتابه في هذه المباحث " التصحيف والتحريف وشرح ما يقع فيه " (٣). وهو مِنْ أَجَلِّ التصانيف في بيان ما وقع فيه العلماء من تصحيف القُرْآنِ وَالسُنَّةِ. وأراد العسكري أن يخبر قارئ كتابه بتساوي التصحيف والتحريف في نظره فقال: «شَرَحْتُ فِي كِتَابِي [هَذَا] الأَلْفَاظَ وَالأَسْمَاءَ المُشْكَلَةَ التِي تَتَشَابَهُ فِي صُورَةِ الخَطِّ


(١) " شرح النخبة ": ص ٢٢.
(٢) هو الإمام اللغوي العلامة أبو أحمد العسكري، الحسن بن عبد الله بن سعيد، انتهت إليه رئاسة التحديث والإملاء، وصنف " صناعة الشعراء " و" الحكم والأمثال "، و" المختلف والمؤتلف ". وأهم كتبه " التصحيف " الذي نذكره في هذا البحث. ومن تلاميذه أبو هلال العسكري صاحب " الصناعتين " واسم أبي هلال الحسن بن عبد الله بن سهل، فقد توافق الشيخ والتلميذ في الاسم واسم الأب والنسبة. ولذلك خلط بينهما بروكلمان في (" تاريخ آداب العرب ": ١/ ١٢٧) ثم انتبه إلى ذلك وصححه في الذيل. توفي أبو أحمد العسكري سَنَةَ ٣٨٢ هـ (" بغية الوعاة ": ص ٢٢١).
(٣) طبع هذا الكتاب في مصر طبعًا غير متقن سَنَةَ ١٣٢٦ هـ. وأصله المخطوط موجود في دار الكتب بالقاهرة. ويقع في ١٥٦ ورقة (*).