للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفَصْلُ الثَّانِي: حَوْلَ تَدْوِينِ الحَدِيثِ:

مَعْرِفَةُ العَرَبِ لِلْكِتَابَةِ قَبْلَ الإِسْلاَمِ:

لن نغلو في وصف العرب - قبيل الإسلام - بجهل الكتابة وعدم التمرس بها، لِنُدْرَةِ أَدَوَاتِهَا المُتَيَسِّرَةِ لديهم وتعويلهم على الذاكرة في حفظ آثارهم ورواية آدابهم، فَمِمَّا لا ريب فيه أنَّ شمال الجزيرة العربية عرف الكتابة والقراءة، وَأَنَّ مكة بمركزها التجاري الممتاز شهدت من القارئين الكاتبين قبيل البعثة أكثر مِمَّا شهدت المدينة، وإنا لنستبعد ألاَّ يَكُونَ في ذلك الحين بمكة - كما جاء في بعض الأخبار - «إِلاَّ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً يَقْرَؤُونَ وَيَكْتُبُونَ» (١)، لأنَّ هَذِهِ الأَخْبَارَ إِذَا صَحَّتْ أَسَانِيدُهَا لاَ تَبْلُغُ أَنْ تَكُونَ إِحْصَاءً دَقِيقًا أَوْ اسْتِقْرَاءً


(١) انظر على سبيل المثال (" صحيفة همام بن منبه ": ص ٢) كيف لا يزال الدكتور حميد الله يُرَدِّدُ هَذَا الخَبَرَ مُقْتَنِعًا بِهِ، ثم قارن بـ:
H. Lammens, La Mecque à la veille de l'hégire, Beyrouth ١٩٢٤. p. ١٢٢.
وَالمُؤَرِّخُونَ مولعون بترداد هذه العبارة: «وَكَانَتْ الكِتَابَةُ فِي العَرَبِ قَلِيلَةً» ومثالاً على هذا راجع " ابن سعد ": ٣/ ٢ ص ١٤٨.