للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هـ - ١٢ و ١٣ - العَالِي وَالنَّازِلُ:

مضى الورعون من العلماء يرجحون الأخذ ممن عَلاَ إسناده وقرب من

النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معتقدين أن «قُرْبَ الإِسْنَادِ قُرْبَةٌ إِلَى اللهِ» (١). ولم يكن الإسناد القريب إلى النبي يتيسر لهم دائمًا، فكانوا يلجؤون إلى أقرب الأسانيد من الصحابة والتابعين والعلماء الأعلام: فنشأت بذلك صورتان من الإسناد العالي، إحداهما مطلقة والأخرى نسبية.

فالاسناد العالي المطلق هو ما قرب رجال سنده من رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسبب قلة عددهم إذا قيسوا بسند آخر يرد في ذلك الحديث نفسه بعدد كثير (٢).

وهذا النوع من العلو هو أجل الأسانيد شريطة أن يكون بإسناد صحيح نظيف، فلا التفات إليه إذا كان مع ضعف، ولا سيما إن كان فيه بعض الكذابين المتأخرين ممن ادعى سماعًا من الصحابة كَابْنِ هُدْبَةَ ودينار وخراشة ونعيم بن سالم وأبي الدنيا الأشج. ولذلك قال الحافظ الذهبي: «مَتَى رَأَيْتَ المُحَدِّثِ يَفْرَحُ بِعَوَالِي هَؤُلاَءِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ عَامِّيٌّ بَعْدُ» (٣).

أما الإسناد العالي النسبي فهو ما قرب رجال سنده من إمام من أئمة الحديث، كالأعمش، وابن جريج، ومالك، وشعبة،

وغيرهم، مع صحة الإسناد إليه، أو قربوا من كتاب من الكتب المعتمدة المشهورة، ك " الكتب الستة "، و" الموطأْ "،


(١) " الجامع ": ١/ ١٢ وجه ٢.
(٢) قارن بـ " قواعد التحديث ": ص ١٠٨.
(٣) " التدريب ": ص ١٨٤.