للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالمُسَوِّغُونَ للرواية بالوصية نعترفون - مع ذلك - بأن من أضعف صور التحمل، فهي دون المناولة والإعلام رغم شبهها بهما من بعض الوجوه. وابن الصلاح لا يرى وجهًا للمشابهة بين الوصية من جانب، وبين المناولة والإعلام من جانب آخر، ويشدد النكير على القائلين بهذه المشابهة فيقول: «وقد احتج بعضهم لذلك، فشبهه بقسم الإعلام وقسم المناولة. ولا يصح ذلك فإن لقول من جَوَّزَ الرواية بمجرد الإعلام والمناولة مستندًا ذكرناه، لا يتقرر مثله ولا قريب منه هنا» (١).

وعلى المُوصَى لَهُ عند أداء روايته أن يلتزم عبارة المُوصِي، فلا يزيد عليها ولا ينقص منها، لأن الوصية بالعلم كالوصية بالمال يجب أن تكون معروفة المعالم معينة المقدار، فلا بد أن يكون الشيء المُوصَى به واضحًا أنه كتاب أو كتب أو أنه حديث أو أحاديث أو مسموعات أو مرويات ن وفقًا للتعبير الذي تلفظ به الشيخ المُوصِي.

ثَامِنًا: الوِجَادَةُ:

الوِجَادَةُ - بكسر الواو - مصدر مولد غير مسموع من العرب اصطلح المُحَدِّثُونَ على إطلاقه على أخذ العلم من صحيفة من غير سماع ولا إجازة ولا مناولة (٢)، وذلك إذا وجد الشخص حديثًا بخط شيخ كان قد لقيه فألف خطه وعرفه ووثق به، أو لم يلقه ولكنه استيقن من أن هذا المخطوط صحيح النسبة إليه، وكذلك إذا وجد بعض الأحاديث في كتب مشهورة لمؤلفين


(١) " توضيح الأفكار ": ٢/ ٣٤٤ (في الحاشية).
(٢) " علوم الحديث " لابن الصلاح: ص ١٦٧.