للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لشخص حاضر بين يديه يلتقي العلم عليه، أو لشخص غائب عنه ترسل الكتابة إليه (١). وقوة الثقة بها لا يتطرق إليها شك بالنسبة إلى الحاضر المكتوب له لأنه يرى بنفسه خط الشيخ أو خط كاتبه بحضور الشيخ وإقراره. وأما بالنسبة إلى الغائب المكتوب له، فإن الثقة بالمكاتبة لا تضعف خلافًا لما يتبادر إلى الذهن لأول وهلة، لأن أمانة الرسول كافية في إقناع المرسل إليه بأن المكتوب من خط الشيخ أو خط الكاتب عن الشيخ (٢) وفي هذه الحال يشترط أن يكون الكاتب والرسول ثقتين عدلين.

وقد تشدد بعضهم فاشترط في «المُكَاتَبَةِ» أن تكون مقرونة بـ «الإِجَازَةِ» وهو تشدد لا مسوغ له، لأن أكابر الرُوَّاةِ أخذوا بالمكاتبة وحدها غير مقرونة، فهذا البخاري يروي في كتاب (الأيمان والنذور) أنه كتب إلى محمد بن بشار وروى حديثه (٣). وهذا مسلم يقول في " صحيحه ": [عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ:] «كَتَبْتُ إِلَى جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَعَ غُلاَمِي نَافِعٍ، أَنْ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيَّ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ جُمُعَةٍ عَشِيَّةَ رُجِمَ الأَسْلَمِيُّ ... » (٤) الخ ... الحديث.

ولا ريب أن المكاتبة مع الإجازة أقوى من المكاتبة وحدها، بل يذهب بعضهم إلى ترجيح المكاتبة المقرونة بالإجازة حتى على السماع نفسه (٥).


(١) قارن بـ " توضيح الأفكار ": ٢/ ٢٣٨ و " التدريب ": ص ١٤٦.
(٢) والحق أن خط الإنسان لا يشتبه بغيره، ولا يقع فيه الالتباس كما لاحظ ابن الصلاح. (انظر " التدريب ": ص ١٤٦).
(٣) " توضيح الأفكار ": ٢/ ٣٣٩ راجع الحاشية.
(٤) " تدريب الراوي ": ص ١٤٧.
(٥) " الباعث الحثيث ": ص ١٤٠.