أما أحوال الراوي المبحوث عنها (من حيث القبول والرد) فهي معرفة حاله تَحَمُّلاً وَأَدَاءً، وَجَرْحًا وَتَعْدِيلاً، ومعرفة موطنه وأسرته، ومولده ووفاته.
وأما أحوال المروي فهي ما يتعلق بشروط الرواية عند التحمل والأداء، وبالأسانيد من اتصال أو انقطاع أو إعضال أو ما شابه ذلك مما سنراه في الفصول المقبلة.
وإذا قلنا في وصف الراوي أو المروي:«إِنَّهُمَا مَقْبُولاَنِ أَوْ مَرْدُودَانِ» فلسنا نريد بقبولهما العمل بهما، وَبِرَدِّهِمَا عدم جواز العمل بهما، وإنما نقبلهما أو نَرُدَّهُمَا من جهة النقل، فقبولنا الراوي اعتبارنا له وأخذنا بمرويه، وَرَدُّنَا له إسقاطنا اعتباره وإغفالنا مرويه، وقبولنا للمروي اعتقادنا ثبوته، وَرَدُّنَا له شكنا فيه روفضنا صحته.
ويطلق العلماء على علم الحديث دراية اسم «عِلْمَ أُصُولِ الحَدِيثِ»(١).
وإن دراستنا التحليلية - في علم الحديث دراية - هي التي تعنينا في كتابنا هذا، فهي من متن الحديث بمنزلة التفسير للقرآن، أو الأحكام من الوقائع. ولقد كانت - على كثرتها - مستقلة في موضوعها وغايتها ومنهجها. حتى إذا شاع التدوين وكثر التصنيف اتجه كل عالم إلى ناحية،
(١) " المختصر في علم رجال الأثر " لعبد الوهاب عبد اللطيف: ص ٨.