للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّبَوِيَّةِ بأسرها، وفقًا لما أداه إليه اجتهاده واطلاعه، فجمع منها مائة ألف حديث ومات قبل أن يتم تصنيفه. وجدير بالذكر أنه كان يقول: «أَكْثَرُ مَا يُوجَدُ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِنَ الأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ، القَوْلِيَّةِ وَالفِعْلِيَّةِ مِائَتَا أَلْفَ حَدِيثٍ وَنَيِّفٍ» (١).

إن هذا المقدار العظيم من الأحاديث التي جمعت من كتب شتى أُلِّفَتْ في أعصر مختلفة لا يمكن أن ينظر إلى مصادره كلها نظرة متساوية، وبعبارة أخرى: لا يمكن أن تكون مصادر الحديث - على اختلافها - ذات طبقة واحدة، ومرتبة واحدة، ولذلك اصطلح العلماء على تقسيم كتب الحديث بالنسبة إلى الصحة والحسن والضعف إلى طبقات (٢):

الطبقة الأولى: تنحصر في " صحيحي البخاري ومسلم " و" موطأ مالك بن أنس "، وفيها من أقسام الحديث: المتواتر، والصحيح الآحادي، والحسن.

الطبقة الثانية: وفيها " جامع الترمذي "، و" سنن أبي داود "، و" مسند أحمد بن حنبل "، و" مُجْتَبَى " النسائي، وهي كتب لم تبلغ مبلغ " الصحيحين " و" الموطأ "، ولكن مُصَنِّفِيهَا لم يرضوا فيها بالتساهل فيما اشترطوه على أنفسهم، وتلقاها مَنْ بَعْدَهُمْ بالقبول، ومنها استمدت أكثر العلوم والأحكام وإن كانت لا تخلو من الضعيف.


(١) وقد صَرَّحَ السيوطي بذلك فقال: «سَمَّيْتُهُ " جَمْعَ الجَوَامِعِ "، وَقَصَدْتُ فِيهِ جَمْعَ الأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ بِأَسْرِهَا». ويعلق المَنَاوِي على هذه العبارة فيقول: «وَهَذَا حَسْبَ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ المُصَنِّفُ، لاَ بِاعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ الأَمْرِ».
(٢) قارن بـ " حجة الله البالغة " للإمام الشيخ أحمد المعروف بشاه ولي الله الدهلوي: ص ١٠٥ وما بعدها. القاهرة، المطبعة الخيرية، سَنَةَ ١٣٢٢ هـ.