للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عناوينه الإمام النووي، فأصبح الانتفاع به أيسر. ولمسلم في " صحيحه " مزايا منها سهولة تناوله، لأنه جعل لكل حديث مَوْضِعًا واحدًا يليق به جمع فيه طرقه التي ارتضاها وأورد فيه أسانيده المتعددة، بخلاف البخاري فإنه يذكر تلك الوجوه المختلفة في أبواب متفرقة متباعدة. ومسلم يُمَيِّزُ بين «حَدَّثَنَا» و «أَخْبَرَنَا» فكان يرى أن «حَدَّثَنَا» لا يجوز إطلاقه إلا لما سمعه من لفظ الشيخ خاصة، و «أَخْبَرَنَا» لما قُرِئَ على الشيخ (١).

وهذا مذهب أكثر أصحاب الحديث، ولا سيما الشافعي وأصحابه وجمهور أهل العلم بالمشرق. ثم إن مسلمًا يُعْنَى في " صحيحه " بضبط ألفاظ الرواة، كقوله: «حَدَّثَنَا فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَاللَّفْظُ لِفُلاَنٍ قَالَ أَوْ قَالاَ: حَدَّثَنَا فُلاَنٌ» (٢).

وإذا كان بين الرواة اختلاف في حرف من متن الحديث أو صفة الراوي أو نسبه أو نحو ذلك فإنه حريص على التنبيه عليه ولو لم يتغير به المعنى (٣) وهذا إن دَلَّ على شيء فعلى ضبطه وأمانته.

وفي كل من " الصحيحين " نجد الإشارة إلى «حَدَّثَنَا» بهذه العبارة «ثَنَا» وإلى «أَخْبَرَنَا» بهذه العبارة «أَنَا» وهما اصطلاحان يُرَادُ بهما الاختصار. ويكثر في " صحيح مسلم " خاصة حرف حاء (ح) يرمز إلى التحول من إسناد إلى إسناد،


(١) " شرح صحيح مسلم " للنووي: ١/ ١٥١.
(٢) مثاله: «حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ -، قَالاَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى وَهُوَ القَطَّانُ ... » [" صحيح مسلم "]: (٢٢) [كِتَابُ المُسَاقَاةِ]، (١) بَابُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُعَامَلَةِ بِجُزْءٍ مِنَ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ: ٥/ ٢٦. [٣/ ١١٨٦، حديث رقم ١٥٥١].
(٣) مثاله: «حَدَّثَنَا [عُبَيْدُ اللهِ] بْنُ مُعَاذٍ العَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، - وَاسْمُهُ يَحْيَى بْنُ مَالِكٍ الأَزْدِيُّ، وَيُقَالُ المَرَاغِيُّ، وَالمَرَاغُ حَيٌّ مِنَ الأَزْدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ ... » " صحيح مسلم ": (٥) - كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلاَةَ، (٣١) - بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ: ٢/ ١٠٤ [حديث رقم ١٧٢، ١/ ٤٢٧].