للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالسَّلاَمُ -» (١). ومعنى «الإِخْبَارِ» في وصف الحديث كان معروفًا للعرب في الجاهلية منذ كانوا يطلقون على «أيامهم المشهورة» اسم «الأحاديث» (٢).

ولعل الفَرَّاءَ (٣) قد تَنَبَّهَ إلى هذا المعنى حين رأى أَنَّ «وَاحِدَ الأَحَادِيثِ أُحْدُوثَةٌ، ثُمَّ جَعَلُوهُ جَمْعًا لِلْحَدِيثِ» (٤). ومن هنا شاع على الألسنة: «صَارَ أُحْدُوثَةً» (٥) أو «صَارَ حَدِيثًا» (٦) إذا ضُرِبَ به المثل. واستعمل الشاعر أبو كلدة في بيت واحد المثل والأحدوثة في بيت واحد المثل والأحدوثة كأنما ليشير إلى ترادفهما فقال:

وَلاَ تُصْبِحُوا أُحْدُوثَةً مِثْلَ قَائِلٍ ... بِهِ يَضْرِبُ الأَمْثَالَ مَنْ يَتَمَثَّلُ (٧)

وكيفما تُقَلِّبُ مادة «الحَدِيثِ» تجد معنى «الإِخْبَارِ» وَاضِحًا فيها حتى في قوله تعالى: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ} (٨)، وقوله: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} (٩).

وقد استشعر بعض العلماء في مادة «الحَدِيثِ» معنى «الجِدَّةِ»، فأطلقوه


(١) " كليات أبي البقاء ": ص ١٥٢ (ط. الأميرية سنة ١٢٨٠ هـ).
(٢) " فتوح البلدان " للبلاذري: ص ٢٩.
(٣) هو يحيى بن زياد الديلمي، أحد نُحاة الكوفة وأئمتها المشهورين في اللغة، له كتاب في معاني القرآن. تُوُفِّيَ سَنَةَ ٢٠٧ (انظر " طبقات الزبيدي ": ١٤٦).
(٤) انظر: " قواعد التحديث ": ص ٢٥.
(٥) " الأغاني ": ٢١/ ١٥٠.
(٦) " الأغاني ": ١٤/ ٤٧.
(٧) " الأغاني ": ١٠/ ١٢٠.
(٨) [سورة الطور، الآية: ٣٤].
(٩) [سورة الزمر، الآية: ٢٣].