للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَسَمَّاهَا بعضهم علومًا، وبعضهم أنواعًا، واتفق هؤلاء وأولئك على أنها من الكثرة بحيث لا تعد ولا تحصر (١)، حتى قال الحازمي [فِي كِتَابِ " الْعُجَالَةِ "] (٢): «عِلْمُ الْحَدِيثِ يَشْتَمِلُ عَلَى أَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ تَبْلُغُ مِائَةً، كُلُّ نَوْعٍ مِنْهَا عِلْمٌ مُسْتَقِلٌّ لَوْ أَنْفَقَ الطَّالِبُ فِيهِ عُمُرَهُ لَمَا أَدْرَكَ نِهَايَتَهُ» (٣).

وحين ألف ابن الصلاح كتابه " علوم الحديث " ذكر من هذه الأنواع خمسة وستين ثم قال: «وَلَيْسَ ذَلِكَ بِآخِرِ المُمْكِنِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّنْوِيعِ إِلَى مَا لاَ يُحْصَى، إِذْ لاَ تُحْصَى أَحْوَالُ رُوَاةِ الحَدِيثِ، وَصِفَاتُهُمْ، وَأَحْوَالُ مُتُونِ الحَدِيثِ، وَصِفَاتُهَا» (٤). ولكن ابن كثير - في اختصاره لهذا الكتاب - لاحظ إمكان دمج بعض هذه الأنواع في بعض، وأخذ على ابن الصلاح بسطه كل هذه التقاسيم، ورتبها ترتيبًا جديدًا على ما هو الأنسب في نظره (٥)، ولنا، مع ذلك، ملاحظات على ترتيبه، فلن نأخذ به جملة وتفصيلاً وإن كنا سنسير غالبًا في هَدْيِهِ.

ويبدو لنا أن العَلاَّمَةَ جمال الدين القاسمي (٦) في " قواعد التحديث " كان


(١) " التدريب ": ص ٩.
(٢) الحازمي هو الإمام الحافظ النسابة، أبو بكر محمد بن موسى بن حازم الهمذاني، المُتَوَفَّى ببغداد سَنَةَ ٥٨٤ هـ. وله كتب كثيرة منها " الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار ". ومنها " العجالة ".
(٣) " التدريب ": ص ٩.
(٤) " اختصار علوم الحديث ": ص ١٩، ٢٠.
(٥) نفسه: ص ٢٠.
(٦) جمال الدين القاسمي هو عَلاَّمَةُ الشام، ونادرة الأيام، صاحب التصانيف الكثيرة، الذي تُوُفِّيَ منذ عهد قريب سَنَةَ ١٣٣٢ هـ.