للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْ أَبِي بُرْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ , مَرْفُوعًا: «إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ». فالناظر في هذا الإسناد يحسبه أول الأمر مرويًا على شرط الصحيح، ولكن فيه رواية المدني عن كوفي، ومن المشهور أن المدنيين إذا رووا عن الكوفيين زلقوا (١).

ومن ذلك الاختلاف على رجل في تسمية شيخه أو تجهيله، كحديث أبي شهاب عن سفيان الثوري عن الحجاج بن الفرافصة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا: «المُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ، وَالفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ». ويرى الحاكم أن علته هي فيما أسند عن محمد بن كثير: حدثنا سفيان الثوري عن حجاج عن رجل عن أبي سلمة (٢).

ومن ذلك أن يكون الراوي عن شخص أدركه وسمع منه، ولكنه لم يسمع منه أحاديث معينة، فإذا رواها عنه بلا واسطة، فعلتها أنه لم يسمعها منه كحديث يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَنَسِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَفْطَرَ عِنْدَ أَهْلِ بَيْتٍ قَالَ: «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ ... » الحديث (٣). قال الحاكم: «قَدْ ثَبَتَ عِنْدَنَا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ هَذَا الحَدِيثَ». ثم أسند عن يحيى قال: «حُدِّثْتُ عَنْ


(١) نفسه: ص ١١٥.
(٢) " معرفة علوم الحديث ": ص ١١٧. ويرى العلامة أحمد شاكر أن العلة التي أعل بها الحاكم الحديث غير جيدة، لأن له شواهد ومتابعات، انظر " الباعث الحثيث ": ص ٧٦.
(٣) تتمة الحديث: «وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ، وَتَنَزَّلَتْ عَلَيْكُمُ المَلاَئِكَةُ»