للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديث في الشاذ، فما هو عنده بالاصطلاح الخاص، وهو - في الحقيقة - حكى تعريف الشافعي للشاذ الذي أخذ به الجمهور (١) فهو في كلتا الحالتن ليس إلا ناقلاً لآراء العلماء بدقة وأمانة (٢).

على أن تعريف الشاذ - كما حكاه الخليلي - لَوْ سُلِّمَ لترتبت عليه نتائج خطيرة في مصطلح الحديث: فهذا التعريف يسمح في بعض الأحوال بوصف «الصحيح» بالشذوذ. مع أننا اشترطنا في الصحيح سلامته من كل شذوذ، كسلامته من كل علة. إلا اننا - كما رأينا فيما سَمَّاهُ الخليلي بالصحيح المعلول أنه لا يقصد به التَّقَيُّدَ بِالاِصْطِلاَحِ (٣). - نرى هنا فيما يحكيه عن تسمية الصحيح شَاذًّا (إذا لم يكن له إلا إسناد واحد شذ به ثقة)، أنه للمرة الثانية لا يريد التقيد بالاصطلاح العام المشهور، وأنه - رغم حكايته هذا التعريف الغريب للشاذ - ما كان آخذًا إلا برأي الجمهور، يزيدنا ثقة بذلك أنه هو أيضًا حكى ذلك الرأي المشهور.

فالصحيح إذن أنه لا بد في الشاذ من اشتراط التفرد والمخالفة، وبهما نُحِّيَ عن كل حديث وُسِمَ بالصحة، فعد خالصًا للضعف، ووسعنا إدراجه في الأنواع المختصة بالضعيف. أما تفرد الثقة أو غير الثقة، بغير شرط المخالفة، فإنه ضرب من التفرد المطلق الذى يوصف به الحديث «الفرد» وسنذكره


(١) " اختصار علوم الحديث ": ص ٦١.
(٢) وبهذا دافع صاحب " التوضيح ": ١/ ٣٨٤ عن الخليلي.
(٣) راجع أيضًا أواخر بحث المعلل من كتابنا هذا.