للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقابلتهم بين المسند والمرسل، يقولون: أسنده فلان، وأرسله فلان (١).

والحق أن المسند لاَ يُتَصَوَّرُ فِيهِ الانقطاع والإرسال وما أشبههما، بل يجمع في آن واحد الرفع والاتصال. ومن الواضح أن الاتصال كالرفع، ليس كافيًا للحكم على الحديث بالصحة (٢)، وإنما يكون صحيحًا إذا توافرت في رجاله شروط الضبط والحفظ على النحو الذي

شرحناه (٣).

وأما المتصل أو الموصول فهو ما اتصل سنده سواء أكان مرفوعًا إلى النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أم موقوفًا على الصحابي أو من دونه (٤). غير أن الخطيب يكاد يسوي بينه وبين المسند، فلا يرى الفرق بينهما إلا في غلبة الاستعمال (٥)، إذ يغلب على المسند أن يكون فيما أسند عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،فالرفع فيه ليس أكثر من شرط أغلبي. بيد أن هذا اصطلاح للخطيب خاص به كاصطلاحه في التسوية بين المرسل والمنقطع، فقد رأيناه لا يفرق بينهما إلا في غلبة الاستعمال أيضًا. وقد أخذنا في تعريف المسند بالرأي المعتمد الذي يلاحظ فيه اشتراط الرفع اشتراطًا حقيقيًا من كل وجه لا أغلبيًا.

ولا حاجة بنا إلى الاستشهاد على المتصل في حال الرفع، لأن أمثلة المرفوع تصلح له، فلا مسوغ للتكرار. وكذلك المتصل في حال الوقف تصلح له جميع


(١) نفسه: ١/ ٢٥٨ أيضًا.
(٢) " معرفة علوم الحديث ": ص ١٩.
(٣) راجع بحث (الصحيح) من هذا الكتاب.
(٤) " اختصار علوم الحديث ": ص ٤٨.
(٥) " التوضيح ": ١/ ١٥٥.