للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَطَلَبُ العُلُوِّ سُنَّةٌ وَمَنْ ... يُفَضِّلُِ النُّزُولَ عَنْهُ مَا فَطَنْ (١)

وغني عن البيان أن النازل هو ما قابل العالي، وأن تفصيل أقسامه يدرك من تفصيل أنواع العالي التي سبقت الإشارة إليها (٢).

على أن تفضيل العالي على النازل لا ينبغي أن يبقى على إطلاقه، فَرُبَّ إسناد نازل أفضل من عال إذا تميز بفائدة، كما إذا كان رجاله أوثق أو أحفظ أو أفقه أو كانت صورة تحمله أقرب إلى السماع (٣).

قال وكيع (٤) لأصحابه: «" أَيُّمَا أَحَبَّ إِلَيكُمْ: الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَاِئِلٍ عَنْ اِبْنِ مَسْعُودٍ، أَوْ سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ اِبْنِ مَسْعُودٍ؟ " فَقَالُوا: " الأَوَّلُ ". فَقَالَ: " الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَيْخٌ عَنْ شَيْخِ، وَسُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقِيهٌ عَنْ فَقِيهٍ، وَحَدِيثٌ يَتَدَاوَلُهُ الفُقَهَاءُ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا يَتَدَاوَلُهُ الشُّيُوخُ "» (٥).

وقد استنتج الحافظ السَّلَفِيُّ (٦) من هذا أن «الأَصْلَ الأَخْذُ عَنِ العُلَمَاءِ، فَنُزُولُهُمْ أَوْلَى مِنَ العُلُوِّ عَنِ الجَهَلَةِ عَلَى مَذْهَبِ المُحَقِّقِينَ مِنَ النَّقَلَةِ، وَالنَّازِلُ حِينَئِذٍ هُوَ العَالِي فِي المَعْنَى عِنْدَ النَّظَرِ وَالتَّحْقِيقِ!» (٧).


(١) " ألفية السيوطي ": ص ٢٦٠،البيت ٦٠٤.
(٢) " علوم الحديث " لابن الصلاح: ص ٢٢٢.
(٣) " التدريب ": ص ١٨٨. وقارن بما ذكرناه (ص ١٣٦) عن تفضيل النزول عن الثقات على العلو عن غير الثقات.
(٤) وهو وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي، ويكنى أبا سفيان الرؤاسي الكوفي، من قيس عيلان. ولد سَنَةَ ١٢٨ هـ وتوفي سَنَةَ ١٩٨ هـ. وفيه يقول أحمد بن حنبل ويحيى بن معين: «الثَّبْتُ عِنْدَنَا فِي العِرَاقِ وَكِيعٌ» (" تاريخ بغداد ": ١٣/ ٤٦٦ - ٤٨١).
(٥) " اختصار علوم الحديث ": ص ١٨٥.
(٦) سبقت ترجمته.
(٧) " التدريب ": ص ١٨٨.