للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الثوري هذا الحديث بإسنادين إلى واصل ليس فيهما الإدراج المذكور، أحدهما عن منصور والثانى عن الأعمش، ورواية القطان أخرجها " البخاري " (١). فالإسناد قد تعدد، ولم يشر الراوي إلى تعدده، فأوهم بذلك أن واصلاً روى عن عمرو بن شرحبيل، المذكور صراحة في كل من الإسنادين الآخرين عن منصور والأعمش (٢).

والصورة الثانية أن يكون الحديث عند أحد الرواة بإسناد، ولديه حديث آخر بغير ذلك الإسناد، فيأتي رَاوٍ ويروي عنه أحد الحديثين بإسناده، ويدرج فيه الحديث الآخر من غير بيان. مثاله: حديث سعيد بن أبي مريم عن مالك عن الزهري عن أنس مرفوعًا: «لاَ تَبَاغَضُوا، ولاَ تَحَاسَدُوا، ولاَ تَدَابَرُوا، ولاَ تَنَافَسُوا» الحديث. فابن أبي مريم أدرج في هذا الحديث عبارة ليست منه، وإنما هي من حديث آخر له إسناد آخر عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعًا، وهذه العبارة هي «ولاَ تَنَافَسُوا» المعروفة في السند الآخر، كما في " الصحيحين " و" الموطأ " (٣).

ودواعي الإدراج كثيرة، منها تفسير بعض الألفاظ الغريبة في الحديث النبوي، ومنها تبيان حكم شرعي يمهد له الراوي بقول النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويكون ذلك من الإدراج في أول المتن، ومنها استنباط حكم من حديث النبي، وذلك


(١) راجع في (" التدريب ": ص ٩٨) تفصيل نوع الإدراج في هذه الرواية.
(٢) قارن بـ "الباعث الحثيث ": ص ٨٣.
(٣) " التوضيح ": ٢/ ٦٥. و"حاشية لقط الدرر ": ص ٧٩.