للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتصحيف ظاهر في الاسمين الأولين. أما الاسم الثالث فقد علق عليه الحاكم بما نصه: «قَوْلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي عَبْدِ العَزِيزِ وَهْمٌ، فَإِنَّهٌ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ قُرَيْرٍ، بِلاَ شَكٍّ، وَلَيْسَ بِعَبْدِ المَلِكِ بْنِ قُرَيْبٍ، فَإِنَّ مَالِكًا لاَ يَرْوِي عَنِ الأَصْمَعِيِّ (١)، وَعَبْدُ العَزِيزِ هَذَا قَدْ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ مَالِكٍ» (٢).

ويشبه هذا مما يرويه المؤلفون في تصحيح السماع: أن شعبة بن الحجاج صَحَّفَ اسم خالد بن علقمة إلى مالك بن عرفطة (٣). ويظهر أنهما شيخان روى شعبة عن أحدهما، وروى غيره عن الآخر، ومالك ابن عرفطة شيخ لشعبة فلا يعقل أن يصحف اسمه سَمَاعًا، ولكن ربما وهم شعبة في الإسناد فوضع اسمًا مكان آخر، فظنه النقاد تصحيفًا (٤).

والأصل في التصحيف أن يكون من أخطاء النظر في الصحف كما رأينا، ومنه كانت تسميته، ولكن منه نوعًا يُسَمَّى تَصْحِيفَ سَمْعٍ: وهو أن يكون الاسم واللقب، أو الاسم واسم الأب على وزن اسم آخر ولقبه، أو اسم آخر واسم أبيه، والحروف مختلفة شكلاً ونقطًا، فيشتبه ذلك على السمع، كحديث عاصم الأحول، رواه بعضهم فقال: «وَاصِلٌ الأَحْدَبُ» (٥). قال ابن الصلاح:


(١) يقصد أنه لا يروي عن عبد الملك بن قريب، لأنه أصمعي كما هو معروف.
(٢) " معرفة علوم الحديث ": ص ١٥٠.
(٣) انظر " التدريب " مثلاً: ص ١٩٧.
(٤) للعلامة أحمد محمد شاكر تحقيق دقيق حول هذا التصحيف في " شرحه على الترمذي ": (ج ١ ص ٦٧ - ٧٠). وراجع في (" مسند أحمد " بتحقيق شاكر أيضًا) الحديثين رقم ٩٢٨ و ٩٨٩ حيث تجد إسنادين في أحدهما خالد بن علقمة، وفي الآخر مالك بن عرفطة.
(٥) " التدريب ": ص ١٩٦، ١٩٧.