للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القاعدة الأولى: اعتراف الواضع نفسه، باختلاقه الأحاديث (١)، كما فعل أبو عصمة نوح بن أبي مريم، الملقب بنوح الجامع، فإنه أقر بوضعه على ابن عباس أحاديث في فضائل القرآن سورة سورة (٢).

القاعدة الثانية: أن يكون في المروي لحن في العبارة أو ركة في المعنى (٣)، فذلك مما يستحيل صدوره عن أفصح من نطق بالضاد - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -، وهذه القاعدة يسهل إدراكها على المتمرسين بهذا الفن، فإن للحديث - كَمَا قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: «ضَوْءًا كَضَوْءِ النَّهَارِ تَعْرِفُهُ, وَظُلْمَةٌ كَظُلْمَةِ اللَّيْلِ، تُنْكِرُهُ» (٤).

ونقاد الحديث يولون عنايتهم ركة المعنى قبل ركة اللفظ، لأن فساد المعنى أوضح دليل على الوضع، قال الحافظ ابن حجر: «المَدَارُ فِي الرِّكَّةِ عَلَى رِكَّةِ المَعْنَى، فَحَيْثُمَا وُجِدَتْ دَلَّتْ عَلَى الوَضْعِ، وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ إِلَيْهَا رِكَّةُ اللَّفْظِ ; لأَنَّ هَذَا الدِّينَ كُلُّهُ مَحَاسِنُ، وَالرِّكَّةُ تَرْجِعُ إِلَى الرَّدَاءَةِ. أَمَّا رَكَاكَةُ اللَّفْظِ فَقَطْ، فَلاَ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، لاحْتِمَالِ


(١) " شرح النخبة ": ص ٢٠.
(٢) " التدريب ": ص ١٠٢. ومن ذلك إقرار عمر بن صبح بن عمران [التميمي] (*) بأنه وضع خطبة للنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ,إقرار ميسرة بن عبد ربه الفارسي بأنه وضع في فضل علي بن أبي طالب سبعين حديثًا.
أما أبو عصمة فإنما لقب بالجامع لأنه أخذ العلم عن أبي حنيفة وابن أبي ليلى، والحديث عن حجاج بن أرطاة، والتفسير عن الكلبي ومقاتل، والمغازي عن [ابن] إسحاق، فكأنه جمع الكمالات. قال فيه أبو حاتم: جمع فيه كل شيء إلا الصدق. وقد ولي نوح الجامع قضاء مرو في خلافة المنصور. (انظر " التوضيح ": ٢/ ٨١).
(٣) " التدريب ": ص ٨٨. وقارن بما ذكرناه عن اللحن ص ٨٣.
(٤) " التوضيح ": ٢/ ٩٤.