للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصديق. أسلمت صغيرة بعد ثمانية عشر شخصًا، وتزوجها - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - في العام الثاني من الهجرة، ولم يتزوج بِكْرًا سواها. وكان يؤثرها بالحب ويتابعها على هواها: ولا غرو، فإن الخصال الكريمة التي اجتمعت فيها يندر أن تتوافر لسواها، فهي تعلم اللغة والشعر والطب والأنساب وأيام العرب. قَالَ الزُّهْرِيُّ: «لَوْ جُمِعَ عِلْمُ عَائِشَةَ إِلَى عِلْمِ جَمِيعِ أَزوَاجِ النَّبِيِّ وَعِلْمِ جَمِيعِ النِّسَاءِ، لَكَانَ عِلْمُ عَائِشَةَ أَفْضَلَ».

وقال عروة: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِطِبٍّ وَلاَ بِشِعْرٍ وَلاَ بِفِقْهٍ مِنْ عَائِشَةَ».

وهي من المكثرات في الرواية، تلي في ذلك أنس بن مالك، فقد روت ٢٢١٠ أحاديث. ومن مزاياها أنها كانت أحيانًا تنفرد باستنباط بعض المسائل، فتجتهد فيها اجتهادًا خَاصًّا وتستدرك بها على علماء الصحابة، حتى إن الزركشي ألف كتابًا خاصا في هذا المعنى سماه: " الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ".

أما ما ينسب إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أنه قال فيها: «خُذُوا شَطْرَ دِينِكُمْ عَنِ هَذِهِ الحُمَيْرَاءِ». - أي البيضاء لأن العرب تسمي الأبيض أحمر - فإنه حديث لا سند له، وقد صَرَّحَ ابن حجر وَالمِزِّي والذهبي وابن كثير بأنه مكذوب مصنوع. إلا أن القارئ يقول: «لكن معناه صحيح».

روت عن أبيها أبي بكر، وعن عمر، وسعد بن أبي وقاص وَأُسَيْدِ بن حُضَيْرٍ (*) وغيرهم.

أما الصحابة الذين رَوَوْا عنها فهم أبو هريرة وأبو موسى الأشعري وزيد بن خالد الجُهَنِيِّ، وصفية بنت شيبة وغيرهم. وأما كبار


[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) ورد بالكتاب المطبوع خطأ في الطباعة (أسيد بن خُضَيْرٍ) والصواب (أُسَيْدِ بن حُضَيْرٍ)، انظر " تقريب التهذيب " لابن حجر، تحقيق الشيخ محمد عوامة: ص ١١٢ ترجمة رقم ٥١٧. طبعة دار الرشيد سوريا - حلب، طبعة ثالثة منقحة: ١٤١١ هـ - ١٩٩١ م.