وهو ابن عم رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبوه هو العباس بن عبد المطلب، وأمه هي أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية، أخت أم المؤمنين ميمونة.
كان مولده قبل الهجرة بثلاث سنوات ودعا له - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - بقوله:«اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ»، فاستجاب الله دعاء نبيه، فاشتهر ابن عباس بالعلم الغزير، والفقه الدقيق، حتى صارت تشد إليه الرحال للفتوى والرواية، وظل يفتي الناس بعد عبد الله بن مسعود نَحْوًا من خمس وثلاثين سَنَةً. وفيه يقول عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة:«مَا رَأَيْتُ أحدًا أَعْلَمَ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمَا سَبَقَهُ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَضَاءِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَلاَ أَفْقَهَ مِنْهُ، وَلاَ أَعْلَمَ بِتَفْسِيرِ القُرْآنِ، وَبِالعَرَبِيَّةِ وَالشِّعْرِ وَالحِسَابِ وَالفَرَائِضِ. وَكَانَ يَجْلِسُ يَوْمًا لِلْفِقْهِ، وَيَوْمًا لِلْتَّأْوِيلِ، وَيَوْمًا لِلْمَغَازِي، وَيَوْمًا لِلْشِّعْرِ، وَيَوْمًا لأَيَّامِ العَرَبِ. وَمَا رَأَيْتُ قََطُّ عَالِمًا جَلَسَ إِلَيْهِ إِلاَّ خَضَعَ لَهُ، وَلاَ سَائِلاً سَأَلَهُ إِلاَّ وَجَدَ عِنْدَهُ عِلْمًا».
ذكر النسائي أن أصح أسانيده في الحديث ما رواه الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس، وأضعفها ما يرويه (محمد بن مروان السُدِّيُّ الصغير عن الكلبي عن أبي صالح، وهذه تسمى «سِلْسِلَةَ الكَذِبِ»).
لَقَّبَهُ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ترجمان القرآن، وقال الناس في تفسيره:«لَوْ سَمِعَهُ أَهْلُ الرُّومِ وَالدَّيْلَمِ لأَسْلَمُوا». إلا أن الناس تزيدوا عنه في الرواية، وَنَبَّهَ العلماء على أن أوهى طرقه في التفسير هي بالدرجة الأولى «سِلْسِلَةَ الكَذِبِ» التي أشار النسائي إليها، ثم بالدرجة الثانية طريق