للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنس بن مالك، وسهل بن سعد الساعدي، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبا الطفيل عامر بن واثلة، وروى عن بعض هؤلاء، ويقول بعض العلماء إنه روى عنهم جميعًا.

أخذ أبو حنيفة الفقه والحديث عن عطاء، ونافع، وابن هرمز، وحماد بن أبي سليمان، وعمرو بن دينار وغيرهم، وروى عنه أصحابه: أبو يوسف، وَزُفَرْ، وأبو مطيع البلخي، وابن المبارك، والحسن بن زياد، وداود الطائى، ووكيع، وآخرون.

وقد شهد له العلماء بسعة المعرفة، والفقه، وقوة الحجة. قال الشافعي: «النَاسُ فِي الفِقْهِ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ».

وقال الليث بن سعد: «قَابَلْتُ مَالِكًا بِالمَدِينَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: " إِنِّي أَرَاكَ تَمْسَحُ العَرَقَ عَنْ جَبِينِكَ "، قَالَ: " عَرَقْتُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، إِنَّهُ لَفَقِيهٌ يَا مِصْرِيُّ ". ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا حَنِيفَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَحْسَنَ قَوْلَ هَذَا الرَّجُلَ فِيكَ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: " مَا رَأَيْتُ أَسْرَعَ مِنْهُ بِجَوَابٍ صَادِقٍ وَنَقْدٍ تَامٍّ "».

وهو بلا ريب فقيه أكثر منه مُحَدِّثًا، ولكن معرفته بالحديث لم تكن قليلة إلى الحد الذي يصوره به بعضهم، فقد جمع له محمد بن محمود الخوارزمي خمسة عشر مسندًا، وفي كتاب " الآثار " لصاحبه محمد بن الحسن كثير من الأحاديث التي أخذها محمد عنه. ولكن الفقه ظل الصفة البارزة فيه، وحسبه أنه مؤسس المذهب الحنفي المُسَمَّى باسمه، وإمام أهل الرأي.

ولقد كان أبو حنيفة تَقِيًّا وَرِعًا، يكسب حياته من عمل يده، ولا يقبل جوائز العلماء، إِبَاءً وَأَنَفَةً وَتَرَفُّعًا بكرامة العلماء أن تذل