من ضرب في الحديث بسهم وافر علم يقيناً أنَّ طبيعة البحث فيه تفرض على الدارس أن يقتصر على المادة العلمية الرصينة. وذلك ما شرَّفني الباحثون بإيناسه في كتابي هذا منذ صدرت طبعته الأولى سنة ١٩٥٩، فقد استقبلوه كما استقبلوا صِنْوَهُ، " علوم القرآن " من قبل بكثير من الحفاوة، إلاَّ أنَّ نفرًا من كرامهم وخلصائي فيهم أخذوا على " علوم الحديث " خاصة تكاثر المادة وتشعُّبها حول تاريخ الحديث، وعلومه، ومصطلحاته، فحال هذا المأخذ الذي بدا لي وجيهاً دون تفكيري بإضافه دراسات جديدة يوم مَنَّ الله عَلَيَّ بالطبعة الثانية سنة ١٩٦٣، وعلَّلْتُ يومئذ إعادة طبعه بصورته القديمة نفسها «بأنَّ أي زيادة على الكتاب - مهما تكن طفيفة - لا بُدَّ أن تزيل عنه صفه الدقة والاختصاص، مع أني منذ ألفته قصدت به التبسيط ولم أقصد به قط إلى التعميم».