للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليها يهدفون، ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون.

أما جولدتسيهر فعقد فصلاً خاصاً لكتابة الحديث في أبحاثه Muhammedanische Studien التي ترجم المجلد الثاني منها إلى الفرنسية (١). وفي هذا الفصل ( p. ٢٤١ - ٢٥٠) أتى بأدلة كثيرة على تدوين الحديث في أول االقرن الهجري الثاني، وكان في الفصل الأول من الكتاب نفسه ( p. ١٠ - ١٢) قد سرد طائفة من الأخبار تشير إلى بعض الصحف التي دوَّنت في عهد الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولكنه أحاطها بكثير من التشكك في أمرها، والريبة في صحتها. وقد رمى بهذا إلى غرضين، أحدهما إضعاف الثقة باستظهار السُنَّة وحفظها في الصدور، لتعويل الناس في القرن الهجري الثاني على الكتابة، والآخر وصم السُنَّة كلها بالاختلاق، والوضع على ألسنة المدونين لها الذين لم يجمعوا منها إلاَّ ما يوافق أهواءهم ويعبر عن آرائهم ووجهات نظرهم في الحياة. لذلك أطلنا الحديث عن الصحف المكتوبة في عهده - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ - لنضع بين يدي القارئ الأسانيد التاريخية الموثوقة التي تثبت بدء الشروع في كتابة الأحاديث في حياته - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -، وتؤكِّدَ تسلسل الرواية حفظاً وضبطاً في الوقت نفسه.

وشبرنجر في كتابه " الحديث عند العرب " (٢) يحاول تفنيد المعتقد الخاطئ عن وصول السُنَّة بطريق المشافهة وحدها، ويجمع الكثير من الأدلَّة على تدوين الأحاديث والتعويل على هذا التدوين في عصر مبكِّرٍ يبدأ أَيْضًا في مطلع القرن


(١) ترجمها Leon Bercher سنة ١٩٥٢ م بعنوان:
Etudes sur la Tradition Islamique, Maisonneuve, Paris.
(٢) Springer, das Traditionsvesen beiden Arabern, ١٨٥٦, ١ - ١٧ dans Uber das Traditionsvesen beiden Arabern