واعية وقلوب غير لاهية وليعلموا أنه أمر إرشادي واجب الطاعة، كما أن الأب يقول لأولاده في مقام الوعظ والنصيحة: ألست أباكم، فافعلوا كذا. فالمعنى ألست رسول الله إليكم أو ألست نبيكم، والربط حاصل بهذه العبارة كما هو ظاهر.
ومن العجب أن بعض المدققين منهم أوردوا دليلا على نفي المحبة، وهو أن محبة الأمير أمر مفاد حيث كان ثابتا في ضمن آية {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} فلو أفاد هذا الحديث ذلك المعنى أيضا كان لغوا. ولا يخفى فساده، إذ فرق بيّن بين بيان وجوب محبة أحد في ضمن عموم وبين إيجاب محبته بخصوصه. مثلا لو آمن أحد بجميع الأنبياء والرسل ولم يتعرض لاسم محمد - صلى الله عليه وسلم - في الذكر لم يكن إسلامه معتبرا. على أن وظيفة النبي توكيد مضامين القرآن، قال تعالى:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}. وعلى ما قيل يلزم أن تكون التأكيدات من النبي في باب الصلاة والزكاة مثلا لغوا والعياذ بالله تعالى. وبالغوا أيضا التأكيد في التنصيص على إمامة الأمير، وقد قالوا به.
وسبب الخطبة على ما ذكره المؤرخون يدل صراحة على أن المراد المحبة، وذلك أن جماعة كانوا مع الأمير في سفر اليمن كبريدة الأسلمي وخالد بن الوليد وغيرهما، فلما رجعوا شكوا عليا ولم يحمدوا سيرته ولم يحسنوا سريرته، فلما أحس النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب هذه الخطبة.