ومنها ما روى البخاري ومسلم عن البراء بن عازب أنه عليه الصلاة والسلام لما استخلف الأمير في غزوة تبوك على أهل بيته من النساء والبنات، قال الأمير: يا رسول الله أتخلِفني في النساء والصبيان؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي». قالوا: المنزلة اسم جنس مضاف إلى العلم فيعم جميع المنازل لصحة الاستثناء، وإذا استثنى مرتبة النبوة ثبت للأمير جميع المنازل الثابتة لهارون، ومن جملتها صحة الإمامة وافتراض الطاعة أيضا لو عاش هارون بعد موسى، لأن ذلك له في عهد موسى، فلو انقطعت بعده لزم العزل، وهو محال للزومه الإهانة المستحيلة، فثبتت هذه المنزلة للأمير أيضا وهي الإمامة.
هذا واعترضه النواصب. قالوا: هذا لا يدل إلا على استخلاف خاص لأهل البيت، وإلا لما قرر النبي - صلى الله عليه وسلم - محمد بن سلمة عاملا على المدينة وسباع بن عرفطة عساسا فيها وابن أم مكتوم إماما للصلاة في مسجده بإجماع أهل السير. ويرد بما لا أظنه يخفى على أحد، فتدبر. وهو مع جوابه في المطولات.