ونحن نقول فيه اختلاف من وجوه: أما أولا فلأن اسم الجنس المضاف إلى العلم ليس من ألفاظ العموم عند جميع الأصوليين، بل هم صرحوا بأنه في نحو "غلام زيد" للعهد، وكيف يمكن العموم في نحو "ركبت فرس زيد" وليس غاية الأمر الإطلاق. وللعهد هنا قرينة "أتخلفني" إلخ. فالاستخلاف كالاستخلاف، فينقطع لانقطاعه، ولا إهانة، وهو واضح. والاستثناء لا يكون دليل العموم إلا متصلا، وهنا منقطع لفظا للجملية. ومعنى للعدم وهو ليس من المنازل. وأيضا بالعموم والاتصال يلزم كذب المعصوم، إذ من المنازل ما لا شك في انتفائه كالأسنيّة والأفطحية والشراكة في النبوة والأخوة النسبية، وأين هذا من الأمير.
وأما ثانيا فلأنا لا نسلم أن الخلافة بعد موت موسى كانت من جملة منازل هارون، لأنه كان نبيا مستقلا، ولو عاش لبقي كذلك. وأين النبوة من الخلافة، وهل هذا الاستدلال إلا من السخافة.
وأما ثالثا فلأن ما قالوا من أنه لو زالت هذه المرتبة من هارون لزم العزل باطل. إذ لا يقال لانقطاع العمل عزل لغة وعرفا، ولا يفهم أحد من مثله إهانة كما لا يخفى على المنصف. وأيضا تشبيه الأمير بها دون المستخلف في الغيبة الثابت خلافة ما سواه كيوشع بن نون وكالب بن يوقنا بعد الوفاة يقتضي بموجب التشبيه الكامل عدم خلافة الأمير بعد الوفاة. فتدبر.
ولو تنزلنا عن هذا كله قلنا أين الدلالة على نفي إمامة الثلاثة ليثبت المدعى؟ غاية ما يثبته الحديث الاستحقاق ولو في وقت من الأوقات، وهو عين مذهب أهل السنة،