النصف إنما ثبت بالسنة والإجماع ولأنه سبحانه علق إيتاء الأجر بالاستمتاع، والنصف ليس بأجر لأن الأجر بأداء العمل. وعن الثاني أنا لا نسلم أن المتعة حقيقة شرعية فيما ذكر لاحتمال أن تكون حقيقة لغوية أو عرفية، وإنما يثبت ذلك لو ثبت أن هذا العقد لم يكن في الجاهلية أو كان ولم يكن مسمى بهذا اللفظ، ودون إثبات ذلك خرط القتاد. ولأن المراد بالنساء الزوجات، ومن التمتع التمتع بالوطئ بالنكاح، فإن [ذلك] مسوق لبيان ما أحل من النساء وإيتاء ما فرض لهن من مهورهن أو بملك اليمين وما حرم منهن، ولأن قوله تعالى:{مِنْهُنَّ} نص على أن المراد بالاستمتاع الوطئ بالنكاح دون المتعة، فإن المتمتع ليس بمحصن. قال البهائي في كتابه المسمى بوسائل الشيعة:"إن من تمتع لا يكون محصنا ومن تزوج أو وطأ بملك اليمين يكون محصنا". واستدل على ذلك برواياته عن أهل البيت وأطال الكلام في ذلك، فلا يجوز أن يستدلوا على الإباحة ولا يجوز حمل الإحصان على التعفف لأن الإحصان لفظ شرعي معناه تحصين النفس عن الوقوع في الزنا.
واستدلوا على الإباحة أيضا بما في مصحف مسعود:{فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ}"إلى أجل مسمى". وكان ابن عباس يقرأ كذلك وكذا أبي بن كعب.
والجواب أن هذه القراءة غير ثابتة عند أهل السنة. ولو سلمنا ثبوتها فهي قراءة منسوخة وهي لا تستعمل في إثبات الأحكام مع كون القراءة المشهورة بل المتواترة تخالفها. ولو سلمنا ذلك لا نسلم دلالتها على المتعة أيضا لأن لفظ "إلى أجل مسمى" متعلق بالاستمتاع لا بنفس العقد، والمدة المتعينة في المتعة إنما تكون بنفس العقد لا بالاستمتاع.