وأما ما يحكى عن عبد الله بن عباس في المتعة من إباحتها عند الاضطرار فقد رجع عنه كما ورد في روايات صحيحة منها ما رواه ابن النحاس عن علي بن أبي طالب أنه قال لابن عباس:"إنك رجل تائه، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المتعة". وكان هذا هو السبب لرجوع ابن عباس عن القول بإباحتها إلى القول بأنها منسوخة. وأخرج الطبراني والطيالسي عن سعيد بن جبير: قلت لابن عباس: لا أفتي بحل المتعة، أتدري ما صنعت ربما أفتيت فسارت بفتياك الركبان وقالت فيها الشعراء، قال: وما قالوا؟ قلت: قالوا:
قد قال لي الشيخ لما طال مجلسه ... يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
هل لك في رخصة الأطراف آنسة ... تكون مثواك حتى مصدر الناس
فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما بهذا أفتيت ولا هذا أردت ولا أحللت منها إلا ما أحله الله من الميتة والدم ولحم الخنزير. وأخرج البيهقي من طريق ابن شهاب الزهري قال:"ما مات ابن عباس حتى رجع عن هذه الفتيا". وروى الترمذي عن ابن عباس قال: "إنما المتعة في أول الإسلام كان الرجل يقدم البلد ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم فتحفظ له متاعه وتصلح له شأنه حتى إذا نزل قوله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} قال ابن عباس: كل فرج سواهما فهو حرام.