وثانيا بأنا سلمنا أن المراد بالأصحاب الصحابة بالمعنى المتعارف، إلا أن المراد من أولئك الأناس الذين يختلجون ويؤخذون قهرا ويردون عن ورود الحوض الذين ارتدوا من الأعراب على عهد الصديق رضي الله تعالى عنه. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أصحابي" لظن أنهم لم يرتدوا كما يؤذن عنه ما قيل في جوابه من أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. وهذا الجواب أولى من الجواب المنعي كما لا يخفى. ولا يفيد ذلك الشيعة شيئا، لأنا لا ننكر ارتداد أحد من الصحابة وإنما ننكر ارتداد الخلفاء الثلاثة ومن تابعهم وارتداد من حضر وقعتي الجمل وصفين منهم كما هو زعم الشيعة؛ والحديث لا يدل على ذلك أصلا.
فإن قيل إن أناسا في الحديث كما يحتمل أن يراد منه من ذكر من مرتدي الأعراب يحتمل أن يراد منه ما زعمته الشيعة، فما الدليل على ما أردت؟
أجيب بأن ما جاء عن الله تعالى والنبي - صلى الله عليه وسلم - من مدحهم والثناء عليهم وكذا ما جاء عن الأئمة المعصومين عند الشيعة مما علمت ومما ستعلم إن شاء الله تعالى مانع من إرادة ما زعمته الشيعة. وحينئذ يتعين ما أردنا حذرا من إلغاء الحديث.
ومنها ما رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم أي قوم أنتم؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: كما أمرنا الله تعالى. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كلا بل تتنافسون ثم تتدابرون ثم تتباغضون ثم تنطلقون إلى مساكن المهاجرين فتحملون بعضهم على رقاب بعض» فإن هذا صريح في وقوع التنافس والتدابر والتباغض فيما بين الصحابة. وذلك ينافي العدالة.
والجواب أن الخطاب وإن كان للصحابة لكن باعتبار وقوع ذلك فيما بينهم وهو