لا يستدعي أن يكون منهم. ويدل على ذلك أن الصحابة إما مهاجرون أو أنصار، والحديث صريح في أن أولئك الفرقة ليسوا مهاجرين، والواقع ينفي كونهم من الأنصار لأنهم ما حملوا المهاجرين على التحارب، فتعين أنهم من التابعين، وقد وقع ذلك منهم، فإنهم حملوا المهاجرين على التحارب بينهم كمالك الأشتر وأضرابه، ولا كلام لنا فيهم.
ومنها ما رواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين من مسند عائشة من عدة طرق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"يا عائشة، لولا قومك حديثو عهد بالجاهلية -وفي رواية: بالشرك- وأخاف أن تنكر قلوبهم لأمرت بالبيت فهدم فأدخلت فيه ما أخرج منه وألزقته بالأرض وجعلت له بابين شرقيا وغربيا فبلغت به أساس إبراهيم". وقوم عائشة قريش، وهذا يدل على فساد بواطنهم في قبول قوله.
والجواب أن هذا الحديث ليس فيه مطعن أصلا، لأنه إن كان المراد بقوم عائشة قريشا كما زعموا فهم إما جميعهم أو بعضهم؛ فإن أريد الأول يلزم منه دخول علي بن أبي طالب وغيره من بني هاشم أيضا فيهم لأنهم من قريش؛ وإن أريد الثاني فلا يكون مفيدا للمدعى، إذ يجوز أن يكون الخوف من المؤلفة قلوبهم وحديثي الإسلام بعد الفتح الذين لم يتأدبوا بعد بآداب الشريعة ولم يكمل إيمانهم، والمهاجرون ومن تبعهم بإحسان ليسوا منهم. على أن الواقع في الحديث هو الخوف من وقوع أمر بسبب لا يستلزم وقوعه. فتبين أن إيراد هذا الخبر في مطاعن الصحابة دليل على جهل الرافضة وعدم فهمهم لنصوص الشرع.
ومنها أنهم خالفوا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد طلب - صلى الله عليه وسلم - في مرض موته إداوة وقرطاسا ليكتب لهم كتابا لن يضلوا بعده فأبوا أن يأتوه بذلك حتى قال عمر ما قال وكثر اللغط، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اخرجوا عني"، والله