نعم إنهم يقولون إن الأمر يتعلق بالمعدوم فإنه مكلف، ويريدون بذلك التعليق العقلي، وهو أن المعدوم الذي علم الله أنه يوجد بشرائط التكليف توجه عليه حكم في الأزل بما يفعله ويفهمه فيما لا يزال، فإذا وجد وصار مكلفا تعلق به ذلك الحكم من غير تجدد أمر آخر، كما في خطابات النبي - صلى الله عليه وسلم - بأوامره ونواهيه كل مكلف يولد إلى يوم القيامة واختصاصها بأهل عصره. وثبوت الحكم فيما سواهم بطريق القياس بعيد جدا. وليس المراد بتنجيز التكليف في حال العدم بأن يطلب منه الفعل حال عدمه.
السابعة: إنهم يقولون إن أهل السنة جوزوا تكليف من لا يفهم قبل فهمه.
وهو افتراء أيضا لأن تكليف من لا يفهم الخطاب لا يجوز، لأن فهم الخطاب قدر ما يتوقف عليه الامتثال شرط لصحة التكليف، لأن الامتثال بدون الفهم محال وتكليف لا لا يطاق، وهو ممتنع عند الجمهور. ومن جوزه قال لأنه لا يكون للابتلاء بالعزم وعدم الإعراض والبشر والكراهة وهو معدوم هاهنا.