وأما علم التعاليم فكان أعلم الناس بها، وأما علم الفقه فكان اعلم الناس به منقوله ومعقوله، وقد توهم بعض من لا يعرفه، لما رأى من استغرق الشيخ رحمه الله، في فنون من العلم إنه قاصر فيه.
وأخبرني شيخنا، الفقيه أبو محمد عبد العزيز بن عمر بن مخلوف، رحمه الله، قال: لما ظهر للشيخ رحمه الله من فقهاء وقته، أنهم اعتقدوا، إنه لا يعرف فقه مذهب مالك، رضي الله عنه، علم معرفتهم به، قال فكان إذا أقرأ "التهذيب" يبين في كثير من مواضعه، إنه مخالف لأصل المدونة ومغاير لها، ويأمر بالأصل فيقاس فيبين المخالفة بينها وبين ما وقع لمالك وأصحابه في الكتب التي وقع فيها النقل، حتى يقررهم في طريقهم.
وأما علم التفسير، فكان يورد الآي ويناسقها نسقا بديعا ويتكلم فيها بما لم يسبق إليه، وله "تفسير" على كتاب الله تعالى، سلك فيه سبيل التحرير، وتكلم عليه لفظة لفظة وحرفا حرفا.
وكان وقوع الكلام بينه وبين الشيخ عز الدين ابن عبد السلام، إمام الديار المصرية في زمانه، على التفسير، وطلب أن يقف على شيء منه، ولما وقف عليه قال أين قول مجاهد أين قول قتادة أين قول ابن عباس وأكثر القول في