شربها بالكؤوس الكبار قصرت مدتها. قلت وحقيقة هذه المسألة أن الشيخ رحمه الله كشف له عن أمره وعن حقيقة خبره، قال: ولم يمض من المدة إلا مقدار يسير، ثم أن الشاب قد تاب وحسن حاله ببركة الشيخ رحمه الله.
ومن كراماته رضي الله عنه، ما حدثني به غير واحد من أشياخي عنه، إنه وصف كل واحد منهم بوصفه، ووسمه بوسمه، من خطة وتحصيل وغير ذلك، ممن انتهت إليه أحوالهم وسمت إليه آمالهم، فمن وصفه بالقضاء رقي إليه، ومن خصه بالتدريس والفتيا اظهر عليه، ومن خصه بالزهد واستجابة الدعوة عرف ذلك منه، هذا في أصحابه ببجاية وغيرها. وهذا من مكاشفته رضي الله عنه. أما الفقهاء، الفقيه أبو محمد ابن عبد العزيز بن كحيلة والفقيه أبو محمد عبد الحق بن ربيع والفقيه أبو محمد عبد المنعم بن عتيق فقد أخبرهم عن أحوالهم وعن مآل أمرهم، وأخبر الفقيه أبا محمد عبد المنعم بن عتيق رحمه الله، بالمحنة التي عرضت له في آخر عمره، وما زال رحمه الله يتوقعها، وكثيرا ما كان ينشد رحمه الله هذا البيت، ويضرب على يده اليمنى باليسرى وهو:
فياليت شعري أين أو كيف أو متى ... يقدر ما لا بد أن سيكون
حتى قدر وكان.
ومن هذا ما ذكره أبو عبد الله السلاوي قال: كنت جالسا معه ومعنا عبد الواحد الكاتب، وعبد الحق الفقير خديم الفقراء، فقال الشيخ: عهدي بعبد الواحد يتعلم السماع المشرقي ويسير إلى المغرب، ويصحب ملكه، وينال معه عزا وجاها في الدنيا، وأما هذا السلاوي فحيث