الجأش، وكان إذا حضر مجلس أمير المؤمنين ابن عبد المؤمن وتقع المذاكرة بين يديه، يسامحه الحاضرون من الطلبة في المذاكرة، وكان هو لا يسامحه في شيء، وكان أمير المؤمنين يجد منه في مجلسه ويعرف له مع ذلك فضلا فلا ينقصه شيئا من حقه.
وكان بينه وبين القاضي أبي الوليد ابن رشد إخاء وصفاء، ولما وقعت الواقعة التي تكلم عليها أبو الوليد في كتاب "الحيوان" له حيث قال: "رأيت الزرافة عند ملك البربر" وهم أمير المؤمنين بالفتك به، لم يكن سبب نجاته غيره مع موافقة القدر، وتسبب في ذلك بوجهين، احدهما كان جرى بمجلسه أمير المؤمنين منع العمل بالشهادة على الخط، ولما وجد هذه القضية هم بالعمل بها، فحاج أمير المؤمنين وقال له: منعتم الشهادة على الخط في الدرهم والدينار وتجيزونها في قتل المسلم، والوجه الثاني إنه قال: إنما الكتب "رأيت الزرافة عند ملك البربر" وإنما جاء فيه زيادة ونقص وهذا أحسن، وكل ذلك من قوة الجأش.
ومن طرفه، رحمه الله، إنه لما وقع الحضور بمجلس أمير المؤمنين وأحضرت فيه لآليء نفيسة في طبق وعرضت على الحاضرين في المجلس واستحسنوها فعدت وفقدت منها واحدة، فهم أمير المؤمنين بتفتيش الحاضرين، فأشار عليه بسوق قلة من ماء مملوءة، ويدخل فيها كل إنسان يده سترا على الفاعل،