عنه ولا يقف، ويورد أحسن إيراد، وله في غير ما فن من الأدب، النظم والنثر. ولقد ذكر لي بعض الطلبة، إنه رأى قصيدة في نحو خمسمائة بيت على هذا الروي يصف فيها حاله ويعاتب وقته، ومطلعها يقول عن نفسه:
الحمد لله ليس لي بخت ... ولا ثبات يضمها نحت
ومضى على هذا الإيراد بأجود لفظ وأحسن معنى، ولقد بحثت عنها كثيرا فلم أجدها.
وكان لسان نقد على المؤلفين والمصنفين والمتكلمين، ومن جملة نقوده ما كان يقوله على كتاب الإحياء لأبي حامد يقول: ومتى ماتت العلوم حتى تحيى علوم الدين؟ ما زالت حية ولا تزال " وكان إذا ذكر الشعر يقول: "شاعر أعم من شيء" يشير إلى أن الشعراء كثير والمرضى منهم قليل.
وكانت له همة ونزاهة على إقلاله، وضعف حاله.
سمعت أن بعض الأمراء في وقته عتبه عتابا أغلظ عليه فيه، ثم استرضاه فبعث إليه بثلاثمائة دينار، وبعث إليه بكتاب ابن عطية ليقابله له، وكانت نفسه قد تغيرت عليه، فاخذ في الارتحال وطلع في جفن قاصدا للرئيس أبي عثمان سعيد بن حكم ابن عمر بن حكم القرشي صاحب منورقة وترك الكتاب والثلاثمائة دينار وكتب معها رقعة وانفصل، ولم يشعر به أحد، ولم يرض بأخذ تلك الصلة وتركها مع الكتاب، واستحسن ذلك غاية الاستحسان منه وشكره