للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس عليه، ولما وصل الرئيس أبا عثمان أنزله خير منزل، وأحله منه خير محل، وبقي معه إلى أن مات رحمه الله.

قرأ بالأندلس، وارتحل إلى حاضرة مراكش ولقي أبا موسى الجزولي وغيره. وكان شيخنا أبو عبد الله الأديب يحكي عنه إنه كان يقول: لقيت أبا موسى الجزولي بمراكش، واتفق إنه ركب البحر في بعض الأسفار فألقته الريح في جزيرة صقلية، فدخلها مع أهل الجفن وطال مقامهم بها وفرغ زاده، فافتقر إلى الجلوس بها لكتب الرقاع للمسلمين الذين بها، فأتته امرأة تشكو للملك بشكوى فكتب لها رقعة لم يعد فيها عن لفظها، فوصلت الرقعة إلى الملك فرأى خطا لا يوافق اللفظ فقال: علي بهذا الكاتب، فحضر بين يديه فقال له: هذا خطك؟ قال نعم، قال له: هذا الخط لا يوافق اللفظ، فقال له: هي أمانة قلدتها والقصد تصوير الواقع بين يديك، والكاتب نائب عن حضور صورته، وأظهر ذلك أن يكون بعين لفظه، حتى يقدر أن صورته حاضرة بين يديك، وتزيين الكلام يرفع قريحة الرافع، فاستحسن ذلك منه وقال له: تقيم عندنا نحسن إليك وتكون ممن يحضر معنا، فقال له: "لو كان الشرع يحيز ذلك لفعلته، فأنك خير من يقام عنده" فزوده وانصرف، وهذا من عقله وفهمه.

<<  <   >  >>