وحكى لي بعض الطلبة عنه إنه قال: كان بالزنقة التي كنت ساكنا بها ببلنسية مسجد، وكنت اصلي فيه خلف إمامه الراتب، فلما حضر وقت طلوعنا من بلنسية إلى حاضرة مراكش على جري العادة في كل عام، ووقع العزم على السفر، ووصل إلى إمام المسجد المذكور وسألني في أن أتوسل له في ظهير بزيادة في مرتبه من قبل أمير المؤمنين على الإمامة بالمسجد المذكور، وكتب لي رقعة يذكرني بها حاجته، فأخذتها منه وجعلتها في خرج فيه أسبابي، فلما وصلت إلى حاضرة مراكش وأردت الرجوع رفعت مسائلي وأردت قضاء حوائجي، فقضيت ووادعت من يجب وداعه وعدت إلى منزلي بمراكش، ألفيت رقعة الإمام فتذكرت حاجته بعد أن كنت أنسيتها فخرجت من الغد على هيئة السفر وتعرضت إلى الشيخ أبي محمد عزون صاحب الأشغال بمراكش فسلمت عليه فقال لي: ما هذا؟ أليس قد وادعتني بالأمس؟ فقلت له بقيت لي حاجة، فقال لي: وكذا تكون أنت بحوائجك. وأنشدته هذه الأبيات:
عذرا بإلحاحي عليك مؤملا ... لا غرو أن تلقى الكريم فتسألا
ومكثرا من قول هات لأنني ... أبدا أراك مقللا من قول لا
فاستحسنها والتفت إلى كاتبه وقال له: انزل بموضعك ويبقى الفقيه راكبا على هيئته واكتب له ظهيرا عن أذن أمير المؤمنين بزيادة ستة دنانير للإمام وبزيادة مدين من القمح في كل يوم. فانصرفت له شاكرا ولأياديه ذاكرا.