للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورأيت له نظما ونثرا لا بأس بهما، ورأيت له خطبا في عقود النكاح حسنة. وقيد أصحابه عنه كثيرا. وذكر لي بعض أصحابنا أن له "تقييدا" على "التلقين" صغير الحجم. وجميع ما طالعته من الكتب التي يوجد عليها خطه في غاية الجودة تقييدا وإصلاحا وتطريرا، وقد رأيت له هذا في فنون كثيرة من الفقه والخلافيات والحديث والأدب واللغة، وكل ذلك يدل على مشاركته وتحصيله. وهو كان رأس الجماعة الأندلسية ببجاية. كل كان يأتي إلى منزله وعنده مجتمعهم، أبو عبد الله الابار وأبو المطرف ابن عميرة وأبو بكر ابن سيد الناس وأبو عبد الله الجنان وغيرهم. كان هو شيخ الجماعة وكبيرهم.

توفي رحمه الله ببجاية يوم الأحد الثامن عشر لشوال سنة خمس وخمسين وستمائة، ومولده في آخر شهري جمادى سنة تسع وستين وخمسمائة، وصلى عليه على شفير القبر تلميذه أبو الحجاج ابن أيوب بوصيته بذلك، وكان يوم وفاته مشهدا عظيما كأنه يوم عيد ولم يبق من لم يحضره.

ولقد اتفق في وقت الحضور للصلاة عليه أن الإمام المذكور تأخر وتقلق الناس، وكان شيخنا أبو محمد عبد العزيز بن كحيلة أحد الحاضرين والخاصين به من طلبته، فقال: ننظر من يصلى ينصرف الناس " فقال له بعض الحاضرين: الحق في هذا لوليه أبي عامر وأبي جعفر وكانا بالحضرة، فقال الفقيه أبو محمد عبد العزيز ما تكلمت إلا بألسنتهما، فقال له أبو عبد الله الأبار: يا فقيه ويجوز بلسانيهما -منكتا عليه في إنه أورد الجمع محل التثنية- فقال الفقيه أبو محمد مجاوبا: نطقت بما نطق الله به في القرآن، قال الله تعالى {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} وهذا هو الصواب وغيره خطأ. وبعد انقضاء الصلاة وانصراف

<<  <   >  >>