يسنده إلى أن ينتهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إذا انتهى الإسناد رجع إلى ذكر رجاله، فيبدأ من الصحابي رضي الله عنهم فيذكر اسمه ونسبه وصفته وتاريخ ولادته ووفاته وحكايته أن عرفت له، ثم يتلوه بالتابعي كذلك، ولا يزل يتبعهم واحدا فواحدا إلى أن ينتهي إلى شيخه فيقول، أما فلان شيخنا فيقول: ويذكر ما ذكر فيمن تقدم، ويزيد على ذلك بأنه لقيه وقرأ عليه كذا، وسمع منه كذا، وبعد الفراغ من ذلك يذكر لغة الحديث وعربيته، ويتعرض لما فيه من الفقه والخلاف العالي، ولدقائقه ورقائقه والمستفادات منه. كل ذلك بفصاحة لسان، وجودة بيان.
وله سعة علم ورواية، ومعرفة ثابتة ودراية. وهو في معرفة القراءات إمام، وولي صلاة الفريضة والخطبة بالجامع الأعظم ببجاية، وروى بها وأقرأ وأسمع، وكثر الآخذون عنه والسامعون منه والمقتدون به.
ولما اشتهر حاله وعلمه ونقل الناقلون ذكاءه وفهمه، نهى خبره إلى المستنصر بالله بحاضرة افريقية رحمه الله فاستدعاه، وقرب مثواه. ولما دخل عليه أمره أن يقرأ بين يديه آية من كتاب الله تعالى، فاستفتح بالاستعاذة وقرأفبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله أن الله يحب المتوكلين، فاستحسن المستنصر بالله قراءته وقصده، وكان ذلك سببا في حظوته فقرب منزله، وأجزل عطيته وجائزته، ووفر جرايته. وكان من اخص الحاضرين من الطلبة بمجلسه.
ويذكر إنه كان رحمه الله يستظهر عشرة آلاف حديث بأسانيدها