لولا علو منصب الفقيه أبي علي رضي الله عنه ما ساعده عليه.
وتأخر عن القضاء وولي بعده بنو الخطيب، فبقي على دراسة العلم والاشتغال بسلوك أولي النهى والفهم، وأحاج إليه الناس في أمور دينهم فمالوا إليه وعولوا عليه، وكان واليا بالبلد بعض سادات بني عبد المؤمن، فتحدث معه القاضي ابن الخطيب في أن يوجه إلى الفقيه أبي علي رحمه الله من يحدثه في أن يشتغل بشأنه ويقتصر على خاص أمره، فوصله رسوله وهو جالس بالجامع الأعظم بمحل تدريسه منه، فأخبره عن حديث السيد وكان من جملة القراء بين يديه حفيد له، فقال له: أقرأ عليه، ولم يأمره بما يقرأه، فاستفتح متعوذا فقال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيمواتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم أن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون} فانفصل الرسول وقد انتقع لونه وهو ترتعد فرائضه، ولما حصل في أثناء الطريق وصله رسول السيد يسترجعه ويقول له لا تحدث الشيخ عن شيء، وسبب ذلك أن ساعة انفصال الرسول عنه أصاب السيد وجع كاد أن يقضي عليه، ولما وصله الرسول اخبره بما شاهد من حال الفقيه، وبما كان من قوله وكيف انفصل عنه وهو لا يعرف كيف انفصل، فعرفه السيد بما أصابه بعد انفصاله عنه ورده إليه ليعتذر له ووجه معه بصلة، ولما وصل إليه الرسول وألقى إليه ما ألقى قبل عذره ورد الصلة واستمر على ما كان عليه رحمه الله، واستحسن نبل الحفيد المأمور بالقراءة حيث وافق من غير أن يشعر به، ولقد يعد هذا من كرامات الشيخ رضي الله عنه.
وقبره بباب امسيون بالمقبرة التي تقابل الخارج من الباب، والدعاء عنده مستجاب، وهو مجهول في قبور هنالك ثلاثة أو أربعة لا يعلم أيها هو من بينها،