وسمعت عنه رضي الله عنه إنه قال: أدركت ببجاية تسعين مفتيا ما منهم من يعرف الحسن بن علي المسيلي من يكون، كان يقول هذا حين يشار إليه بالتفرد في العلم، والتوحد في الفهم، وهذا من فضله رضي الله عنه.
وكان له رحمه الله وللفقيه أبي محمد عبد الحق الاشبيلي وللفقيه العالم أبي عبد الله محمد بن عمر القرشي المعروف بابن قريشة مجلس أظنه يجلسون فيه للحديث. وكثيرا ما كانوا يجلسون بالحانوت الذي هو بطرف حارة المقدسي وهو المقابل للطالع للحارة المذكورة، وكان الحانوت المذكور يسمى مدينة العلم لاجتماع هؤلاء الثلاثة فيه، الفقيه أبو علي المسيلي، والفقيه أبو محمد عبد الحق، والفقيه أبو عبد الله القرشي.
ولم يصلني من أخبار أبي عبد الله القرشي إلا خبر يسير، سمعت الفقيه أبا محمد عبد الحق رحمه الله يصفه بأنه كان من أهل العلم، وكان أكثر حاله النظر في المعقولات، وكان له نظر جليل في التعليم، ومن ولده هم الذين يسمون الآن بني قريشة، وسمعت أن الفقيه أبا زكرياء الزواوي رضي الله عنه كان في نفسه منه شيء، فدخل عليه داخل يوما فسأله من أين أتى، فقال جئت من عند أبي عبد الله القرشي. فقال له: ذلك الزنديق؟ فقال لا تفعل يا سيدي، والله ما دخلت عليه الآن وهو لا يشعر وهو يقرأ المصحف ويبكي، فلما أحس بي غطى المصحف بحيث لا أراه ومسح عينيه وخاض في الحديث معي، وكان ما