للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استكتمه الفقيه في ذلك، وأعطى الرسم للقاضي، فأذن له في الشهادة وبقي القاضي مدة بقائه بها، وانفصل إلى افريقية وانتقل أيضا أبو إسحاق ابن عباس إلى حاضرة تونس واستوطنها وكان أحد عدولها المنتصبين للوثيقة بها، وتوفى القاضي أبو محمد ابن الطيران بعد مدة بتونس ووقع الحضور لتركته وحضر لها شهيدان، لا نعلم هل القاضي أبو إسحاق أحدهما أو ابن عباس، فوجد الرسم في تركته وأطلع عليه القاضي ابن عباس، فتعجب كل العجب وأثنى عليه الشيخ رحمه الله بم وجب. وقال: والله ما شعرت بهذا قط ولا عرفته.

ودخلت عليه رحمه الله في مرضه الذي توفى فيه فألمت لألمه وذرفت عيناي لما اعتراه من سقمه، فقال لي يا فلان والله ما بي موتي، وإنما بي ما قاله أفلاطون لأصحابه لما حضرته الوفاة وحضروا عنده، قال: والله ما بي أن أموت وإنما بي أن أموت، ولم أرق بأصحابي إلى مراقيهم التي اقتضتها صفاتهم واستحقتها ذواتهم. فشكرته على ذلك وعلقت الأمل بالحياة وطول البقاء إلى أن يوفي لأصحابه بما جبلت عليه نفسه الكريمة من الوفاء رضي الله عنه.

<<  <   >  >>