المستنصر الاجتماع به فاعتذر عن ذلك وقال إني لا أصلح لذلك لعدم معرفتي بلقائهم، وطلب المستنصر أن يصل منزله بنفسه، فاستعفى من ذلك.
وذكر لي، إنه لما كان الصلح الواقع بين المسلمين والنصارى عام نزول الفرنسي على تونس، كتب رسم شهد فيه مشائخ الفقهاء أن الصلح المذكور صلاح وسداد في حق المسلمين، وطلب الفقيه أبو القاسم ابن البرا رحمه الله، أن يكون من جملة شهوده الفقيه أبو العباس ابن عجلان، فاستحضر بدار الأمر وبمحضر الفقهاء وفيهم الفقيه أبو القاسم بن البرا وأمير المؤمنين، بحيث يسمع، فقيل له: تشهد في هذا الصلح؟ فقال إني لا أعلم الحال، يشهد من يعرف الحال، فقال له الفقيه أبو القاسم: هذا الصلح جائز أو غير جائز؟ فقال له مجاوبا: أن كان صلاحا وسدادا في حق المسلمين فهو جائز وإن لم يكن كذلك فهو غير جائز، فقال له هو صلاح وسداد أو لا؟ فقال له لا علم لي بالحال، فقال له لابد لك من الجواب، فسمع نقر أمير المؤمنين من وراء الحجاب وهو يشير إلى انقضاء المجلس، فانفض ولم يشهد، وحمد في جوابه ومقاله، واستحسن ذلك من حاله.
ولما حللت بحاضرة افريقية، اجتمع جمع من الطلبة وكلفوني بالجلوس للإقراء فأسعفتهم بذلك، وسرت إليه فأعلمته بالقضية وسألته هل تقع البداية في السبت أو يوم الأحد؟ فقال لي رحمه الله: من أشياخي رحمهم الله من كان يختار البداية يوم السبت، ومنهم من كان يختار يوم الأحد، ولم يجبني بالتعيين، وخرج عن خاطري في الوقت أن أسأله عن اختياره لنفسه كيف كان.
وسألته رحمه الله تعالى عن اختيارات أصحابنا المتأخرين من الفقهاء،