للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نزل على الأنطاق ومعه الروم وتغلب وإياد والنمر (١) وقد خندقوا فحصرهم أربعين يوماً وتزاحفوا أربعة وعشرين زحفاً في كلها يهزم الله تعالى المشركين ولا يخرجون خرجة إلا كانت عليهم، فلما رأت الروم ذلك تركوا أمراءهم ونقلوا متاعهم إلى السفن. وقد كان عبد الله بن المعتمر وكل بالعرب ليدعوهم إليه وإلى نصرته على الروم رجالاً من تغلب وإياد والنمر فكانوا لا يخفون عنه شيئاً، فأقبلت إليه العيون منهم بما فعلته الروم وسألوه للعرب السلم وقد أخبروه أنهم قد استجابوا، فأرسل إليهم: إن كنتم صادقين فاشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقروا بما جاء به من عند الله ثم أعلمونا رأيكم (٢) ، فردوا إليه رسله بالإسلام، فأرسل إليهم إذا سمعتم تكبيرنا فاعلموا أنا قد نهدنا إلى الأبواب التي تلينا لندخل عليهم منها فخذوا بالأبواب التي تلي دجلة (٣) وكبروا وقاتلوا واقتلوا من قدرتم عليه، فانطلقوا حتى واطأوهم على ذلك، ونهد عبد الله والمسلمون لما يليهم وكبروا وكبرت تغلب وإياد والنمر وقد أخذوا بالأبواب، فحسب القوم أن المسلمين أتوهم من خلفهم فابتدروا الأبواب التي أمامهم، فأخذتهم سيوف المسلمين مستقبليهم وسيوف الذين أسلموا ليلتئذ من خلفهم، فلم يفلت من أهل الخندق إلا من أسلم من تغلب وإياد والنمر، واقتسم المسلمون بتكريت ما أفاء الله عليهم على أن لكل سهم ألف درهم: للفارس ثلاثة آلاف وللراجل ألف، وبعثوا بالأخماس مع فرات بن حيان وبالفتح مع الحارث بن حسان، وولي حرب الموصل ربعي بن الأفكل والخراج عرفطة (٤) بن هرثمة.

وقد ملح بعض المتأخرين في تسفيه رأي أميره والتهكم به في رميه الغرض الأقصى وهو مقصر عن أدناه في قوله (٥) :

تكريت تعجزنا ونحن لسخفنا ... نمضي لنأخذ ترمذاً من سنجر

والحيص بيص أمير جمع وافر ... وأنا بشعوذتي طبيب العسكر

تكرو (٦) :

مدينة بالمغرب بينها وبين البحر نحو عشرة أميال، وهي بين رواب وجبال ولها نهران أحدهما يعرف بتكرو، به سميت ومخرجه من الجبل الذي ينبعث منه النهر المعروف بورغه، وهو نهر كبير من أنهار المغرب. ومدينة تكرو كثيرة البساتين طيبة الفواكه لا يوجد في بلد مثل رمانها وكمثراها، وهي قديمة افتتحها سعيد بن ادريس بن صالح الحميري المعروف بالعبد الصالح في أيام الوليد بن عبد الملك قبل دخول موسى بن نصير، وعلى يديه أسلم بربر تلك الجهات ثم ارتدوا ولما تثبت عليهم شرائع الإسلام، وتجاور جبل غمارة.

تكرور (٧) :

مدينة في بلاد السودان بقرب مدينة صنغانة على النيل، وهي أكبر من مدينة سلى وأكثر تجارة، وإليها يسافر أهل المغرب الأقصى بالصوف والنحاس والخرز ويخرجون منها بالتبر والخدم، وطعام أهل سلى وأهل تكرور السمك والذرة والألبان، وأكثر مواشيهم الجمال والمعز، ولباس عامة أهلها الصوف وعلى رؤوسهم كرازي الصوف ولباس خاصتهم القطن والمآزر، ومن مدينة سلى وتكرور إلى سجلماسة أربعون يوماً بسير القوافل وأقرب البلاد إليها من بلاد لمتونة الصحراء أزقى وبينهما خمس وعشرون مرحلة.

تل (٨) :

من بلاد الجزيرة بقرب مدينة سميساط، وهي كبيرة آهلة وأهلها أنباط، وبها سوق عظيمة، وهي كثيرة الكروم والزروع.

[تلعفر:]

هي مدينة مصاقبة لسنجار منها الموفق التلعفري مظفر بن محمد كان متفنناً في العلوم القديمة والحديثة رقيق الشعر، وكتب من شعره على تقويم صنعه لقطب الدين صاحب سنجار:


(١) ص ع: واليمن.
(٢) ص ع: أعلموا ما رأيكم.
(٣) ص ع: دجيلة.
(٤) ص ع: والجراح بن عرفطة.
(٥) هذا الشاعر هو ابن القطان البغدادي، توفي ببغداد سنة ٥٨٥ (انظر ابن خلكان ٦: ٥٣ والمنتظم ١٠: ٢٠٧، وابن أبي أصبيعة ١: ٢٨٣ - ٢٩٠، ومصادر أخرى مذكورة في حاشية ابن خلكان) .
(٦) وردت هذه المادة في الاستبصار: ١٣٦ تحت اسم ((نكر)) ، وبعضها عند البكري: ٩٠ واسم المدينة عنده: تكور؛ وقال الإدريسي (د) : ١٧١، ومن مدينة باديس غلى مرسى بوزكور ٢٠ ميلاً، وكانت مدينة فيما سلف لكنها خربت ولم يبق لها رسم وتسمى في كتب التاريخ نكور. وقد تصحفت لفظة ((نكور)) في أصول نزهة المشتاق التي اعتمدتها فجاءت في صور أخرى أقربها غلى ما أثبته صاحب الروض ((تكوز)) ؛ وهذا يد على أن المؤلف نقل الاسن عن بعض أصول الاستبصار (أو نزهة المشتاق) .
(٧) الإدريسي (د/ ب) : ٣/ ٤، وانظر الاستبصار: ٢١٧، والبكري: ١٧٢، وصبح الأعشى ٥: ٢٨٦.
(٨) المألوف أن تضاف لفظة ((تل)) غلى ما بعدها مثل تل موزن، تل باشر ... الخ، ويبدو أن المؤلف أسقط هنا الإضافة، فلم يعد تحديد الموضع ممكناً.

<<  <   >  >>