للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بقية ذلك الماء في سروب القصر. ومن أغرب الغرائب جلب الماء الذي كان يأتي إلى القصر على عمد مبنية تسمى الارجالات (١) ، وهي أعداد كثيرة باقية إلى الآن، قائمة على قوائم لم تخل بها الأزمان، ولا غيرتها الدهور، فمنها قصار ومنها طوال، بحسب الأماكن التي كان فيها البناء، وأطولها يكون غلوة سهم، وهي على خط مستقيم، وكان الماء يأتي عليها في قني مصنوعة خربت وفنيت، وبقيت تلك الارجالات قائمة يخيل للناظر إليها أنها من حجر واحد لحكمة اتقانها وتجويد صنعتها. وفي الجنوب من سور هذه المدينة قصر آخر صغير، وفي برج منه مكان مرآة كانت الملكة ماردة تنظر إلى وجهها فيه، ومحيط دوره عشرون شبراً، وكان يدور على حرفه، وكان دورانه قائماً ومكانه إلى الآن باق، ويقال إنما صنعته ماردة لتحاكي به مرآة ذي القرنين التي وضعها في منارة الإسكندرية.

وقال هاشم بن عبد العزيز، وقد تذاكروا شرف ماردة وفضل ما فيها من الرخام، قال: كنت كلفاً بالرخام، فلما وليت ماردة تتبعته لأنتقل منه كل ما استحسنته، فبينا أنا أطوف في بعض الأيام بالمدينة إذ نظرت إلى لوح رخام في سورها، شديد الصفاء، كثيراً ما يخيل للناظر أنه جوهر مها، فأمرت باقتلاعه فقلع بعد معاناة، فلما أنزل إذا فيه كتاب عجمي فجمعت عليه من كان بماردة من النصارى، فزعموا أنه لا يقدر على ترجمته إلا عجمي ذكروه يعظمونه، فأنفذت فيه رسولاً، فأتيت بشيخ هرم كبير، فلما وضع اللوح بين يديه أجهش بالبكاء واستعبر ملياً، ثم قال لترجمته: براءة لأهل ايلياء ممن عمل في سورها خمس عشرة ذراعاً، وقد كان في افتتاح الأندلس وجد في كنائس ماردة ما وقع إليها من ذخائر بيت المقدس عند انتهاب بخت نصر لايلياء، وكان ممن حضره في جنوده اشبان (٢) ملك الأندلس، فوقع ذلك وغيره في سهامه.

وقصر ماردة بناه عبد الملك بن كليب بن ثعلبة، وهو بديع طول كل شقة من سوره ثلثمائة ذراع، وعرض البناء اثنا عشر ذراعاً، وقنطرة ماردة عجيبة البنيان طولها ميل، بأبدع ما يكون من البنيان. ومن ماردة إلى بطليوس عشرون ميلاً.

المايد (٣) :

جزيرة فيها عدة مدن، وهي على رأس البحر إلى جهة الصين، وأهلها أشبه بأهل الصين من غيرهم، ولملوكها عبيد وخصيان حسان وخدم بيض، وجزيرتهم تتصل بأرض الصين، وهم يراسلون ملك الصين ويهادونه، وبهذه الجزيرة تجتمع مراكب الصينيين الخارجة من جزائر الصين، وإليها تبلغ، ومنها تخرج إلى سائر النواحي.

ماسبذان (٤) :

هي أحد فروج الكوفة، وهي بالقرب من هيت.

أغزاها (٥) سعد بن أبي وقاص، بأمر عمر بن الخطاب (٦) ، ضرار بن الخطاب فأخذها عنوة وتطاير أهلها إلى الجبال فدعاهم فاستجابوا له، وأقام بها حتى تحول سعد إلى الكوفة فأرسل إليه فخرج إليه، واستخلف على ماسبذان.

مارد (٧) :

بتيماء، وهو حصن دومة الجندل، بضم دال دومة، وهي على عشر ليال من الكوفة، ومن أمثالهم: تمرد مارد وعز الأبلق.

الماه (٨) :

الدينور، والماه بالفارسية قصبة البلدان، أي بلد كان، فكان يقال للدينور ماه الكوفة لأن مالها كان يحمل في أعطيات أهل الكوفة، ونهاوند ماه البصرة.

الماصر (٩) :

ربض من أرباض بغداد، ومما حفظ من شعر محمد الأمين عند اشتداد الحصر عليه:

يا فضل قد حاصرني طاهر ... إني على ما نابني صابر


(١) كأنه جمع ((رجل)) على ((أرجال)) ثم صاغ جمع الجمع ((أرجلات)) .
(٢) ص ع: بريان.
(٣) نزهة المشتاق: ٣٢ (OG: ٨٩) وقد ذكر اليعقوبي في تاريخه ١: ٩٤ المايد من ممالك الهند المتاخمة للصين.
(٤) انظر ياقوت (ماسبذان) ، وآثار البلاد: ٢٦٠.
(٥) الطبري ١: ٢٤٧٨.
(٦) هو أحد بني محارب بن فهر.
(٧) راجع مادة ((الأبلق)) و ((تيماه)) .
(٨) معجم ما استعجم ٤: ١١٧٦.
(٩) هكذا هو بالصاد المهملة في ع ص؛ وقد ذكر المسعودي (المروج ٦: ٤٥٢) ((الماطر)) مما يلي كلواذا؛ قلت: والماصر هو الجبل الذي يوضع على النهر لتوقيف السفن واقتضاء الضريبة منها عند المرور، ولعل المكان سمي كذلك لهذا السبب.

<<  <   >  >>