للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأراك، قال الشاعر (١) :

تضوع مسكاً بطن نعمان إذ مشت به زينب في نسوة خفرات

وهو أيضاً موضع بالشام.

نفطة (٢) :

في قصطيلية من بلاد الجريد في إقليم إفريقية، بينها وبين قيطون بياضة مرحلة، ومنها إلى توزر مرحلة، ونفطة مبنية بالصخر، عامرة آهلة، بها جامع ومساجد وحمامات كثيرة وتجارات ونخيل وغلات ومياه جارية كثيرة سائحة، وشرب جميع بلاد قصطيلية بوزن إلا نفطة فإن شربها جزاف، وجميع أهلها شيعة، وتسمى الكوفة الصغرى.

وهي قديمة (٣) عليها سور من بناء الأول، ولها غابة كبيرة كثيرة النخل والبساتين وجميع الفواكه، وهي كثيرة الخصب، ولها نهر يسقي بساتينها، وأهلها ذوو يسار، وهم من بقايا الروم.

نفزاوة (٤) :

بينها وبين القيروان ستة أيام، ولها سور صخر وطوب، ولها ستة أبواب، وبها جامع وحمام وأسواق حافلة، وهي على نهر كثيرة النخل والثمار، وحواليها عيون كثيرة، وبينها وبين قابس ثلاث مراحل، ومن نفزاوة تسير إلى بلاد قصطيلية.

وبها أرض (٥) سواخة وسباخ وملاحات لا يهتدى للطريق لها إلا بخشب قد نصبت في دهس يشبه الصابون في الرطوبة، فمن أخطأ طريق تلك الخشب المنصوبة على الطريق هلك في تلك السباخ، وقد هلكت العساكر والجماعات في قديم الزمان ممن دخلها ولم يعرف أمرها، وتلك السباخ لا يعلم لها آخر ولا يسلك منها إلا الطريق إلى توزر وإلى بلاد قصطيلية، ويقال إنها متصلة ببلاد غدامس، وهذه السباخ كلها ملائح، وفيها موضع بين نفطة والحمة يعرف بالسبع سباخ.

وفي وسط طريق المار من توزر إلى نفزاوة جزيرة صغيرة فيها عين عذبة يشرب منها من يسير على تلك الطريق، وإذا دخل المسافر هذا الطريق في أيام الصيف يكاد يهلك من حرارة الملح ويرجع ما في الزقاق من الماء العذب ملحاً لا يقدر على شربه إلا أن يمزج بالسكر أو العسل. ولما هزم المنصور يعقوب ملك المغرب علي بن إسحاق على حمة مطماطة فر منهزماً على هذه السباخ فتبعه الموحدون سالكين سبيله حتى شارفوا توزر فألفوه قد توغل في صحرائها.

نفوسة (٦) :

جبل نفوسة، من قفصة إليه نحو ستة أيام، وهو جبل عال نحو من ثلاثة أيام طولاً، وفيه كروم ومياه جارية وأعناب وتين، وأكثر زرعهم الشعير المتناهي طيباً ولأهله في خبزه صنعة وحذق وتمييز فاقوا فيه كل الناس، ويكون أطيب من سائر الطعام في سائر الأقاليم، ويقال إنه متصل بجبل درن.

نفيس (٧) :

مدينة من بلاد المغرب عند أغمات تعرف بالبلد النفيس، وهو مدينة قديمة صغيرة حولها عمارات وطوائف من قبائل البربر، وبها من الحنطة والفواكه واللحوم ما لا يكون في كثير من البلاد، وبها جامع وسوق نافقة وأنواع عجيبة من الزبيب المتناهي طيباً وكثرة.

وغزاها (٨) عقبة بن نافع رحمه الله وحاصر بها الروم فافتتحها وأصاب المسلمون فيها أموالاً كثيرة ومغانم واسعة، وبنى فيها عقبة مسجداً وهر معروف به إلى اليوم، وليس في جميع تلك البلاد أطيب هواء منها ولا أجل منظراً ولا أكثر أنهاراً وأشجاراً وثماراً، ويشق بلد نفيس نهر كبير ينبعث من جبل درن حيث تربة الإمام المهدي وخليفته عبد المؤمن، ومراكش بين أغمات ونفيس.

وكان الفقيه (٩) قاضي القضاة أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن


(١) هو محمد بن عبد الله النميري شاعر غزل من شعراء الدولة الأموية، وكان يهوى زينب أخت الحجاج، وله أشعار يشبب بها فيها (انظر الأغاني ٦: ١٨٠ وما بعدها) .
(٢) ليس عند البكري: ٤٨ أو الإدريسي (د) : ٢٣٧ حديث مفصل عن نفطة. وانظر ياقوت (نفطة) .
(٣) هذه الفقرة عن الاستبصار: ١٥٦.
(٤) البكري: ٤٧ - ٤٨.
(٥) الاستبصار: ١٥٨ وبعضه عند البكري.
(٦) الإدريسي (د/ ب) : ١٠٥/ ٧٦ وأكثر ما نقله المؤلف هنا ينطبق على مدينة شروس، الواقعة في ذلك الجبل.
(٧) الإدريسي (د/ ب) : ٦٣/ ٤٠.
(٨) عن الاستبصار: ٢٠٨، وانظر البكري: ١٦٠.
(٩) لا علاقة لهذه القصة بالمادة ((نفيس)) .

<<  <   >  >>